ربما يكون من أخطر الإشكالات التي تتعلق بالوضع السياسي للجمعيات السياسية، هو ترسيخ ثقافة الرمز باعتباره واجهة سميكة مستعصية على التجاوز الطبيعي الذي يقتضيه التبدل في الأحوال والأشخاص، من دون القدرة على التأسيس لما بعد الرمز، تأسيسا يضمن الثبات والاتزان في الوضع السياسي، ويحافظ على وهج الحال العامة وصحتها وعافيتها، ولا يأتي برموز المصادفة في وضع نحن في أمس الحاجة إلى تراتبية معروفة لدى الجميع على مستوى الفرز للقيادات والكفاءات، وأي اهتزاز أمني أو سياسي، بإمكانه أن يحدث انقطاعا تاريخيا عن العمل السياسي لا يعلمه إلا الله.
وربما يكون هذا الأمر مفهوما في ظل وجود القوى الشعبية غير المنظمة تحت غطاء هرمي أو حزبي، بحيث يكون الرمز امتدادا للحال السياسية وانحسارا لها في الوقت نفسه، وهو ما كان عليه الحال إبان قانون أمن الدولة، حين كان البناء الهرمي مشلولا، وكان توجيه الضربة إلى الأنشطة السياسية سهلا جدا، لأن القائمين عليها أفراد، أما مع وجود الهياكل التنظيمية، فإن أي فراغ هرمي في المؤسسة السياسية لا يمثل مبررا معقولا، وقد يكون مبررا لعدم الحاجة إلى هذه المؤسسة.
من هنا، فإن الوريث الفعلي لثقافة الهرمية والتنظيم هم القوى الشبابية، فهم الامتداد الطبيعي لأي تيار يريد لنفسه العافية والتجدد، وبقاء الكثير من القوى الشبابية على الحياد تجاه المؤسسة السياسية، وربما التفرج المقصود والمبرمج، إنما يعكس عدم الرضا عن الهياكل التنظيمية وكيفية إدارتها من جهة، ويعكس - وهو الأهم - عدم قدرة المؤسسة على احتواء هذه القوى، لأنها في النهاية غير راضية عن أداء المؤسسة ولا تجد نفسها فيها، لذلك فإن الرد العملي على هذا التقهقر المقصود والمرصود في أفق الزاهدين في العمل المؤسساتي، ان مكانكم هنا، وأنتم امتداد طبيعي لهرمية تراتبية معروفة، لا تبخل علينا برموز وقيادات المستقبل
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 386 - الجمعة 26 سبتمبر 2003م الموافق 30 رجب 1424هـ