هناك اشكالية في علاقة الرمز بالقوى الشبابية، بصفتها العنصر الفاعل في تفعيل العمل الميداني السياسي داخل المؤسسات السياسية، وتكمن هذه المشكلة في أسلوب «التعمية السياسية» مع تعزيز وجود الرمز كفاعل سياسي أكبر في العملية السياسية برمتها، ما يجعل القوى الشبابية أشبه بالمتحرك في فضاء مجاهيل الرؤية السياسية، وما عليه إلا تفعيل الموقف السياسي بعد صدوره من الرمز.
يثير البعض أن هذا الأسلوب هو من مقتضيات الهرمية التنظيمية في مجال العمل المؤسساتي والحزبي، وهو طرح يمكن القبول به في ظل وضوح الرؤية، ووضوح آليات تنفيذ الرؤية، وعلنية العمل السياسي الذي تختص بالبعد الميداني والحركي، إضافة إلى توافق التحركات في اتجاه معين مع الرؤية المحركة لها، وعدم التناقض معها، أو العمل بعكس نتائجها بغية قطف ثمار أخرى، أما إذا انعدم ذلك، فإن الحديث عن الانقياد الهرمي هو «تعمية سياسية»، لأن كل مفاعيل العمل السياسي معطلة، وكل آليات الاتصال والتواصل مفقودة، وما هذا الانقياد إلا جرُّ هذه الكتلة الملتهبة الى منطقة بغية زحزحتها، للعبور الى منطقة الخفوت السياسي والانحسار المنظم.
تبقى مسألة يثيرها الكثيرون، وهي أمن الحال السياسية من الاختراق، في محاولة لتبرير سرية بعض الأعمال والتوجهات السياسية، وعدم إشراك السواد الأعظم من الناس، والقوى الشبابية تحديدا في صناعة الملفات السرية، فهذه الحال لا تعكس أمنا سياسيا للمؤسسة والتنظيم، ولا تعني عدم الاختراق على مستوى التوجهات والأهداف الاستراتيجية، وإنما تعكس الرغبة في المحافظة على أمن الأفراد السياسي، وتأمين رغباتهم القريبة والبعيدة، وتحريك كل الطاقات الشبابية وفق ثنائية العمل السري ذي التوجه المحدد الذي تشتغل به فئة محددة، والعمل العلني ذي التوجه المفتوح على كل الاحتمالات، ما يجعل الأمن السياسي محذورا كبيرا في تعويم القضايا وتحريك الملفات الخاصة
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 384 - الأربعاء 24 سبتمبر 2003م الموافق 28 رجب 1424هـ