في ضوء وجود الجمعيات السياسية، فان أحد الهياكل المهمة في بناء الحالة الهرمية والتنظيمية هو «العنصر الشبابي» الحركي، وضمن الفهم لطبيعة هذا العنصر وتفاعله مع الحال السياسية، فإننا نجد ارتباط الشباب متعلقا بمحبة رمز معين أو تأثر بخطابه السياسي، ما يدفعه الى الانضواء تحت مظلته، غير متجاوز ذلك الى فهم الحال السياسية وطبيعة اشكالياتها، ما يؤدي الى ايجاد ذيول سياسية لا يمكن لها إلا أن تدافع عن توجه رمزها من دون القدرة على فرز الآراء والمواقف السياسية في الساحة، وهذا ما يسمى بـ «كاريزما» الرمز.
إن وضع القوى الشبابية داخل الجمعيات السياسية أشبه بـ «الاستخدام السياسي» لطاقتها وحيويتها وكذلك صراعاتها الصغيرة لصالح الصراعات الكبيرة، وهذه مشكلة كبيرة بالنظر الى الحاجة الى فرز القيادات الشابة لقيادة المستقبل، لأنها ستجعل من الرمز حاضرا في ذهنية هؤلاء وغير قادر على احضارهم كوجود فاعل، فهم صف ثان على كل حال، وإذا ما تهيأ الوضع لقيام هذا الشاب بدور الرمز، فسيقلد استاذه في تحريك أتباعه، ما يؤسس إلى صراعات دائمة للوجودات السياسية، في ظل غياب الفرز الفعلي للتوجهات السياسية وصلاحياتها لإدارة الواقع.
الفهم الصحيح لتوظيف القوى الشبابية، هو جعلها تستوعب الواقع السياسي بكل جزئياته وتتحرك فيه، وتوظف حالات العشق والنهم للعمل والابداع بعيدا عن حالات التوظيف لصالح ذلك الرمز او ذاك، وانما التوظيف ينبغي ان يكون للمؤسسة التي على رأسها ذلك الرمز، كجزء من هرمية تنظيمية وحزبية، لا رمزية او ذيلية، وليس معنى ذلك قتل روح القدوة والاقتداء عند الشاب، ولكن إيجاد فاصل دقيق بين الاقتداء والاتباع الأعمى، لأن الفاصل بينهما قد يكون ميلة في نفس الرمز لبناء رمزيته، وإن وظف عوامل القدوة كوسيلة لإبصار الشاب لرمزية الرمز وعدم إبصاره لغيره
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 383 - الثلثاء 23 سبتمبر 2003م الموافق 27 رجب 1424هـ