تلك هي الحقيقة ان الحلقة الأضعف من طبقة العمال والكادحين والفقراء هي التي تدفع الثمن وفي كل المراحل. في مرحلة ما قبل الحداثة وما بعدها. في زمن الحرب الباردة وأيضا في زمن تغوُّل النظام الواحد. في مرحلة دول القبائل وفي مراحل ما يسمى بدول التحديث والانفتاح. وفي ايضا زمن العولمة التي سماها المفكر الروسي تشوسودوفسكي «بعولمة الفقر» وليس عولمة الغنى. فالفقراء هم الذين يدفعون ضريبة العولمة يسرحون من وظائفهم عنوة في تنافس اصحاب الثراء والنفوذ في سباق تكريس الثروة. فالشركات اصبحت كأسماك القرش تدخل بلا حدود ولا ضوابط وبلا انسانية إلى الدول ولا مراعاة لحقوق العمال لتأكل ما تأكل من قطاعات حكومية ليرى الموظف نفسه ملقى على قارعة الطريق «ولا من شاف ولا من درى» ليفاجأ غدا انه ان تكلم اصبح في موقع الاتهام وليرى كل المؤسسات تدينه لعدم قبوله بهذا الامتياز الكبير وتخرج عليه الصحافة لتشهد شهادة الزور وتطالبه بالصبر والسلوان ورحمة الرحمن وشكر النعم ان وفق الله وزارته بوزير زاد انفتاحا وراح يهدي قبلاته الحارة لإحدى بنات العولمة التي منها الخصخصة، التي اصبحت تسمى في دولنا العربية سخرية وعلى عزف كوميدي «بمصمصة» عظم الفقراء حتى النخاع.
لا أعلم من المسئول عن كوارث الاعمال وهل يعي المسئولون معنى ان تموت عوائل من الجوع كما حدث لسُوّاق الأجرة الذين وصل دخلهم اليومي الى الربع؟ وهل تعلم وزاراتنا معنى خصخصة ادارة من اداراتها؟ فعلا الجوع كافر وكثيرا ما قادت الميكافيلية الرسمية أناسا الى مواقع الاحباط والتذمر والشعور بالقهر. فعلا العولمة تفرز بطالة في الغرب وفي كل مكان ولكن الغرب «اسوة بلداننا في الاقتصاد وليس في كل الجوانب بما فيها السياسية - يقوم باحتياطات وقائية انسانية حقوقية يراعي من خلالها استحقاقات المواطن».
فالمواطنة ليست اسما وانما لها استحقاقاتها ومن تلك الاستحقاقات العمل، الحياة الكريمة، الحقوق الانسانية والمدنية ومنها قفزة دراماتيكية من مدرس لاختصاصي مناهج. بعض وزاراتنا عقدت منذ سنين شهر عسلها مع الاجانب من شرق آسيا وغيرها كوزارة الاشغال إذ الاحصائية مخيفة وسأتطرق إليها لاحقا ووزارة التربية دخلت في نفق خصوصا في المرحلة الابتدائية إذ يعاني اطفالنا من عدم فهم كثير من اللهجات ما ساهم في إضعاف درجاتهم وللأسف فإن مدرسا تمت الكتابة عنه في الصحافة عن قضية أخلاقية عاد إلى العمل في مدرسة اخرى بعد توقف. اما وزارة العمل فلله الحمد الوزير حل البطالة لكنه الى الآن ما حلت مسألة الاعتراف بشهادة معهد البحرين، والى يومك لم يشرع أي قانون للحد الأدنى من الاجور في القطاع الخاص. ليس ما اطرحه سوداوية او النظر إلى القضايا بعين واحدة ولكن هو اعتقاد صادق وصحيح ان التغيير في عالمنا الثالث لا يتم إلا بوضع النقاط على الحروف بلا رتوش ومساحيق. فمن الف باء الإصلاح النقد الموضوعي البناء خصوصا عندما تتحول معظم كتابات الكتاب الى رشا علنية تشخص للمصالح الضيقة. لذلك يجب على الوزارات ان يتسع صدرها للحوار المقبل وسيكون بداية حوارنا مع وزارة الاشغال والاسكان
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 383 - الثلثاء 23 سبتمبر 2003م الموافق 27 رجب 1424هـ