إن قيام مملكة البحرين بهذه المبادرة الرائعة وهي إقامة مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية تحت رعاية جلالة الملك وبتشجيع منه أمر يستحق الإعجاب والالتفات إليه لعدة أسباب منها أن الإسلام يمر بأخطر مؤامرة عليه منذ ظهور هذا الدين الحنيف على أنقاض الجاهلية المظلومة حسب ظني، لأنه من الظلم أن نسمي ذلك العصر الذي ظهر فيه حلف الفضول بالجاهلية، ولم يبلغ العالم جاهلية أكبر من جاهلية هذا القرن الذي تحول الظالم فيه إلى مظلوم والقاضي إلى جلاد كما تفعل الولايات المتحدة راعية السلام تجاه الشعب الفلسطيني أمام أعين جمعيات حقوق الإنسان والرأي العام العالمي لما يجري من اجتياح وانتهاك للأرض الفلسطينية، كما أن الوقت مناسب جدا من حيث أصبح كل مسلم عاقلا وناضجا يدرك اليوم أن المستهدف ليس سنيا أو شيعيا أوأباضيا، أو زيديا أو إسماعيليا بل كل من يمت إلى الدين الإسلامي بصلة، فالموضوع أصبح حرب حضارات وليس حوار حضارات ولن يستثنى أي مذهب أو طائفة إسلامية عربيا كان أو إندونيسيا فالجميع في ميزان الولايات المتحدة و«إسرائيل» إرهابي ويجب وضعه في سجن غوانتنامو، مما يجعل كل مسلم شاء أم أبى عاقلا كان أو مجنونا سلفيا كان أو علمانيا مقتنعا أنه مادام يحمل «جينات» إسلامية فهو مدان حتى تثبت براءته ويدرك أهمية الوحدة الإسلامية.
إن اختيار الوقت كان مناسبا للغاية كذلك لأنه إحياء وامتداد لعدد من المؤتمرات السابقة التي لم تثمر بشكل جاد لكنها كانت بمثابة طرق للباب وحلحلة للخلافات التي يصر كل عالم يفكر بعمق في مصلحة هذه الأمة على ضرورة إنهائها.
إن الدندنة على وتر الطائفية والمذهبية التي كانت وراء تخلفنا، كانت مؤامرة من قبل بعض القيادات الإسلامية التي ستحاسب عليها يوم القيامة أشد الحساب، فإن كان البعض منهم اصطاد في الماء العكر في الماضي ودفع البسطاء إلى تعميق الخلاف من أجل مصلحة خاصة أو خدمة لجهات مشبوهة فحتى هذا البعض أصبح يدرك اليوم مدى خطورة هذه اللعبة وأن هذا الوضع يفسح المجال أمام تيار العدوان الهادر الآتي من المحيط الأطلسي لإضعاف المسلم واحتلال أرضه ونفطه وإخضاعه لبيت الطاعة فإنه سيهدد وجوده مثلما يهدد وجود الجميع.
وقيام جلالة ملك البحرين بهذه المهمة وعلى أرض البحرين وفي هذه المرحلة بالذات وبدعوة عناصر تدرك بعمق الخطر المحدق بالأمة لأمر يستحق التقدير والامتنان وأرجو أن يثمر هذه المرة عن نتائج عملية خاصة في هذه الظروف التي يتم فيها تهديد الوجود الإسلامي بأن يحقق ما لم تحققه المؤتمرات السابقة فشكرا لكل علمائنا الأجلاء الذين قبلوا الدعوة دون تردد وبحماس يؤكد شعورهم بالمؤامرة الكبرى على هذه الأمة.
العدد 381 - الأحد 21 سبتمبر 2003م الموافق 25 رجب 1424هـ