علماء وشخصيات إسلامية من مختلف البلدان الإسلامية وفدوا إلى بلادنا، واضاءوا بأفكارهم النيرة طريق الوحدة الإسلامية. الحاضرون للمؤتمر يعبرون عن مختلف الاتجاهات الفقهية داخل الجسد الإسلامي، وتنظيم مؤتمر إسلامي من أصعب الأمور في أيامنا هذه؛ لأن كثيرا من مفكري الأمة ليسوا علماء دين فقط وانما قادة سياسيون فرضت الظروف عليهم الاضطلاع بدور وطني في بلدانهم. ولذلك فإن منظمي المؤتمر - على ما يبدو - تحاشوا دعوة عدد من أهم الشخصيات الإسلامية لابعاد الحرج السياسي الذي ستنتج عنه احتجاجات من هذه الدولة الصديقة أو تلك.

ومع ذلك فقد كان الحضور غنيا وكانت المداخلات بمستوى المرحلة الحالية، والخطاب الإسلامي تخطى عددا من العقبات التقليدية وناقش المؤتمرون قضايا مهمة تؤثر على مسيرة المسلمين في عصر «العولمة» و«القطب الواحد» وتضارب الأفكار والنشاطات. فلدينا اليوم أكثر من راية تتحدث باسم الإسلام وهذه الرايات تتفق في بعض الأمور وتختلف في بعضها. والمشكلات تتصاعد عندما يتم التركيز على القضايا الخلافية والاخطر من ذلك عندما تحاول «راية واحدة» الاستئثار بالاسلام والتحدث باسمه وإلغاء الآخر لأنه يختلف معها في وجهة النظر.

القائمون على تنظيم المؤتمر اختاروا آخر يوم فيه (اليوم الاثنين الساعة الرابعة عصرا) لعقد جلسة تضم علماء الدين البحرينيين، تطرح فيها أربع أوراق تتحدث عن المظاهر الايجابية في التجربة البحرينية. ومن المتوقع ان يتحدث أو تلقى أوراق باسم كل من الشيخ حميد المبارك والشيخ محسن العصفور والشيخ عبداللطيف المحمود والشيخ نظام يعقوبي.

مهما كانت الظروف معقدة، فإن المؤكد هو ان التقاء علماء كبار ومفكرين في البحرين يؤكد قدرة المسلمين على تجاوز الصعاب. والبحرينيون مطلوب منهم ان يعطوا نموذجا حسنا، فالتقاؤهم على اساس نصرة كلمة الوحدة الإسلامية، وسموّهم فوق الأمور الصغيرة، والابتعاد عما يفرق الأمة هو السبيل الافضل لخدمة قضايا الدين والوطن. وأملنا في حضور ومشاركة علماء الدين جميعهم لأن الاسلام ليس ملكا لأحد، وحتى لو كانت هناك وجهات نظر سياسية مختلفة على هذا الأمر أو ذاك فان الجميع متفقون على ضرورة رصّ الصفوف الإسلامية.

ان مما يؤسف له هو عدم حضور بعض علماء الدين البحرينيين، على رغم توقع كثير من الناس رؤيتهم في اوساط المشاركين، فكثير من الضيوف هم اصدقاء لهم اساسا ولذلك فإن عدم وجودهم لا يؤثر على المؤتمر بقدر ما يؤثر على علاقاتهم الشخصية مع نخبة من علماء ومفكري وشخصيات الأمة.

كم هي سعادة المرء ان يشاهد ويستمع إلى علماء الدين وهم يتحدثون بثقة عالية مستمدة من عظمة الدين الحنيف، وينادون بالسماح بالتعددية داخل منظومة الفقه الاسلامي، ومن ثم السعي إلى تقريب وجهات النظر الفقهية بشأن مختلف شئون الحياة، فالاسلام ركز كثيرا على موضوعات الفقه وكثير من خلافاتنا اساسها اختلاف فقهي على هذه الفتوى العبادية أو تلك الفتوى المعاملاتية، ولذلك فإن التقريب بين علماء الدين تقريب بين أبناء الأمة الإسلامية.