العدد 380 - السبت 20 سبتمبر 2003م الموافق 24 رجب 1424هـ

ماذا وراء «الفيتو الأميركي»؟

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

باستخدام الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار إدانة «إسرائيل» في عملية إبعاد ياسر عرفات عن أرضه مع ما يتمتع به من شرعية دستورية وتأييد شعبي أسقطت آخر «ورقة توت» كانت تتستر بها أمام الأنظمة العربية التي تنظر إليها كصديق يمكن الاعتماد عليها.

بلوغ الولايات المتحدة هذا المستوى من الانحدار والغطرسة بدعم الإرهاب الإسرائيلي العلني وعلى رؤوس الأشهاد يعني أن الإدارة الأميركية تريد أن توسع قاعدة تنظيم «القاعدة» وأن تقول لمن أدان هذا التنظيم من المثقفين العرب والشارع العربي الذين حاولوا إقناع أنفسهم بأن حوادث نيويورك وواشنطن كانت تطرفا حقيقيا من قبل بعض الإسلاميين الذين لم يستنكروا على بعض أنظمتهم التي (مسختها) وهي تطارد كل الإسلاميين من دون تمييز، إنه كان من حق الأميركان وأتباعهم من الأوروبيين أن يعلنوا الحرب على الإرهاب.

لكن اليوم وبعدما وجد الشعب العربي والمثقف العربي أن إرهاب الولايات المتحدة وتطرفها بلغ حدا تُوافق من خلاله على عمل إرهابي كهذا بحيث تعطي «إسرائيل» شرعية إبعاد عرفات أو تصفيته فهذا يعني أن على الشعوب العربية والإسلامية إعادة حساباتها وعلى المثقف العربي يمينيا كان أويساريا، إسلاميا كان أو علمانيا، أن يوحد صفوفه ضد الولايات المتحدة وأوروبا، وقد لا أقول بضرب مصالحها على طريقة «جزيرة بالي» بل بضرب هذه المصالح من خلال أسلوب سلمي حضاري هو احتقار الإدارة الأميركية الظالمة ولهذا لم يبق أمامها إلا المقاطعة، مقاطعة كل البضائع الأميركية وإلا سيصبح خائنا حقيقيا لأمته في اعتقادي.

وعلى الشعوب العربية التي بايعت أنظمتها طوال القرن الماضي حتى اليوم أن تسحب هذه البيعة وتفعل ما تشاء خصوصا تلك التي تحاول إعادة العلاقات مع «إسرائيل» بينما هي تتحدى العالم حتى بلغ طغيانها أن قال مندوبها في أعقاب استخدام «الفيتو» الأميركي «إننا لا نحتاج إلى ضوء أخضر من أحد لنقوم بما نريد».

والأنظمة العربية عليها أن تدرك جيدا أنه بعد هذا لا مجال لأي تبرير وهي أمام خيارين إما المصالحة مع شعوبها أو الخروج لاستجمام طويل في أية دولة ذات طقس جميل مثل جنيف أو فيينا أو باريس.

وإذا أراد الشعب الأميركي أن يخرج من دائرة الرعب فعليه إسقاط إدارة بوش وإلا سيتحول كل العرب والمسلمين إلى إرهابيين بعد استخدام حق النقض الآثم.

العدد 380 - السبت 20 سبتمبر 2003م الموافق 24 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً