العدد 379 - الجمعة 19 سبتمبر 2003م الموافق 23 رجب 1424هـ

متحف الإنسان

يعيش متحف الانسان اليوم لحظة مهمة من تاريخه، فقد أقفلت اروقة إفريقيا ومدغشقر في هذه المؤسسة ابوابها في مارس/آذار الماضي وافتقدها عشاق هذا المتحف الذي تأسس العام 8391. إذ اثار إعلان الحكومة منذ سبع سنوات عن بناء متحف للفنون الأولية، يفترض ان يعرض ابتداء من العام 5002 أجمل التحف من القارات الخمس التي تجمع من المتاحف الباريسية، انفعالا قويا في وسط المتحف بشكل خاص. أقفلت جميع الاروقة الاتنولوجية في هذه المؤسسة وسلك المتحف وجهة المستقبل عبر مشروع تجديدي شامل يمتد على عدة سنوات. سيقدم المتحف ذو «الوجهة الجديدة» النوع البشري في ابعاده البيولوجية والثقافية معتمدا على اكتشافات العلم الأخيرة وعلى التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري. انها انطلاقة جديدة لدخول القرن الحادي والعشرين.

دخل متحف الانسان في مارس الماضي عصرا جديدا من تاريخه مع اقفال اروقة افريقيا ومدغشقر، وكانت لحظة مؤثرة لعشاق هذا «البيت»، ولحظة أليمة للبعض من الهواة والاختصاصيين، والموظفين أو المترددين على هذا المكان الذين رأوا بذلك نهاية هذه المتحف الذي تأسس في باريس العام 8391. وأقفلت اجنحة أخرى أيضا خلال الربيع، مثل جناح آسيا واوقيانيا وأميركا، كما قاعة الموسيقى وقاعة الفنون التقنية، والمكتبة التي تحوي حوالي 003 ألف مجلد. يكمن في صميم هذا التحول متحف الفنون الأولية المستقبلي، أو ما سيسمى متحف «كاي دو برانلي» الذي يفتتح ابوابه في باريس العام 5002. نقل ما مجموعه 052 ألف قطعة من متحف الانسان بشكل مؤقت إلى مكان في الدائرة الثالثة عشرة من باريس، إذ يتم تنظيفها وتصويرها واعداد جردة بها بانتظار احتلالها مكانا في اجنحة متحف «كاي دو برانلي» مستقبلا، على ضفاف نهر السين، كما في متحف اوروبا والمتوسط في مرسيليا.

انها عملية على طريق القرن الحادي والعشرين! فمتحف الانسان الذي لم يعرف تحولا كبيرا منذ تأسيسه هو اليوم سائر نحو المستقبل. فقد تم تبني مشروع شامل بتجديد المؤسسة نهاية العام 2002. يحتفظ المتحف باسمه وبمقره في حي تروكاديرو (بالقرب من برج ايفل) وستظل ابوابه مشرعة عدة سنوات خلال فترة تنظيم الاروقة. وستستمر المؤسسة التي يشرف عليها منذ مارس مدير امناء التراث زيف غوراريي، مرتبطة بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي إذ تؤدي بالنسبة له دور «القسم التربوي والثقافي» منذ سنة. يقول المدير الجديد: «انني هنا لانشئ متحفا عن الانسان بشكل عام يروي تاريخ الانسانية».

ورث متحف الانسان كما كان حتى مارس الماضي، متحف الاتنوغرافيا القديم الذي تأسس العام 0881، وافتتح العام 8391، أي بعد سبع سنوات من المعرض الاستعماري الذي اقيم في أحد اجنحة قصر شايو الذي شيد قبل عام من المعرض العالمي. وتشكلت مجموعات التحف فيه بفضل عطاء المكتشفين، والمبعوثين والدبلوماسيين وعلماء الاتنيات واختصاصيين آخرين رغبوا بتقاسم اهتماماتهم بثقافات غير معروفة في ذلك الوقت مع جمهور عريض. وكان متحف الحدث البشري وشارك منذ بداياته بمكافحة الافكار المسبقة وعدم التسامح بنشره معارف عن وحدة وتعددية النوع البشري. ستظل هذه النزعة التربوية العزيزة على قلب المؤسسة، واحدة من أهداف المتحف الجديد. فادراك الغرب اليوم لشعوب سميت «بعيدة»، مختلف عما ساد بين الحربين العالميتين. تفترض إعادة التفكير بمتحف الانسان إعادة تعريف لمفهوم الاتنوغرافيا، وستؤخذ بعين الاعتبار تلك المقولة الاساسية خلال إعادة تنظيم المؤسسة.

عينت الحكومة في مارس الماضي الاختصاصي بمرحلة ما قبل التاريخ جان بيير موهن، أمين عام التراث ومدير مركز الابحاث والترميم التابع لمتاحف فرنسا، وهو اليوم يدير لجنة تفكر بمستقبل المتحف. وكلفت اللجنة تحت اشراف اربعة وزراء هم: وزير التربية الوطنية والبحث، وزير البيئة والتنمية المستدامة، وزير الثقافة والاتصالات، والوزير المنتدب للبحوث والتكنولوجيات الجديدة، بتقديم اقتراحات بتنظيم جديد في سبتمبر/ أيلول المقبل. وهناك أيضا مجموعة عمل من عشرة اختصاصيين بينهم فرنسوا هريتيي وجان بيير شانجو تفكر بمصير المؤسسة التي تكرم الانسان في ابعاده البيولوجية والثقافية وفي العلاقات التي اقامها ومازال مع بيئته. للدخول في القرن الحادي والعشرين ستهتم أيضا بأخر الاكتشافات في مجال الجينات والبيولوجيا والاتنولوجيا والبيئة والتاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري.

فالمتحف الغني بتراث في دراسة الانتربولوجيا الطبيعية والاجتماعية، سيتجه نحو عرض الانسان بذاته، أي جسده، ووظائفه الحياتية، وقدراته على التفكير والاتصال، واكتشافاته. يقول جان بيير موهن «ستعرف هذه المقاربة تخطيطا متحفيا يشارك فيه الفن والعلم ويفترض ان يستعيد المتحف بعد تنظيمه ديناميته في البحث وان يصبح المكان المثير الذي كان».

العدد 379 - الجمعة 19 سبتمبر 2003م الموافق 23 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً