العدد 378 - الخميس 18 سبتمبر 2003م الموافق 22 رجب 1424هـ

الصحف العربية: 11 سبتمبر حجَّة أميركية للانطلاق إلى حيث تريد

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

عشية الذكرى السنوية الثانية لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 1002 في نيويورك وواشنطن، ومع تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش ان بلاده ستواصل ملاحقة تنظيم «القاعدة» إلى أن يهزم. وفيما بثت محطة «الجزيرة» القطرية شريطا مصورا يظهر فيه زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري يتجولان في «منطقة جبلية غير معروفة» حسبما ذكرت القناة، وتسجيلا صوتيا لكل منهما، أثنى الأول على منفذي هجمات 11 سبتمبر، في حين توعد الظواهري بهجمات جديدة ودعا العراقيين والفلسطينيين إلى مواصلة القتال ضد «إسرائيل» والقوات الأميركية المحتلة للعراق. وفي وقت أصدر البيت الأبيض ملفا من عشرين صفحة يحمل عنوان «التقدم الذي أحرز في الحرب على الإرهاب» أكد في مقدمته انه منذ 11 سبتمبر 1002، قضت الولايات المتحدة، بمساعدة حلفائها وشركائها، على النظام القمعي لحركة «طالبان»، ودمرت إمكان اللجوء التي كانت توفرها افغانستان لـ «القاعدة»، وانتصرت على نظام صدام حسين.

وجاءت بارزة الانتقادات الحادة التي تعرض لها وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، من الكونغرس والمطالبات باستقالته ونائبه بول وولفوفيتز. لأن وزارة الدفاع تفرط في الانتصار الرائع في العراق بسبب عناد الرجلين واصرارهما على عدم تغيير رأيهما وزيادة عدد الجنود الاميركيين في العراق ورفض التعاون مع الأمم المتحدة. ورأى توم دونيلي في «ستاندرد ويكلي» الأميركية ان التاريخ سيشهد ان رامسفيلد هو مهندس الفشل الأميركي في العراق... وتوقع بسبب رامسفيلد أن تواجه الإدارة الأميركية تهديدا يفوق خطره خطر «البعثية» و«البن لادنية» وهو التهديد الرهيب الذي يشكّله الفيتو الفرنسي.

وخصصت معظم الصحف العربية حيزا واسعا من صفحاتها للذكرى التي انعكست ترديا على أحوال العرب والمسلمين وبينما أظهر بعض المحللين العرب قلقا من انعكاسات الحرب على الارهاب، في العراق إذ أصبح «الجبهة المركزية» في الحرب ضد الارهاب في العالم بحسب إعلان بوش الأخير. ولفت الجميع إلى الظروف التي تعيشها بلادنا إذ تأثر المسلمون والعرب من ملاحقة الارهاب بعد أن تم ربطه بالاسلام وبعد أن بات العالم العربي بحسب التوصيف الأميركي يؤوي ويدعم ويموّل الارهاب ويشكل خطرا على الأمن الأميركي. وأجمعت الصحف العربية على ان القضية الفلسطينية تحديدا كانت الخاسر الأكبر وسخر رئيس تحرير «السفير» اللبنانية، جوزف سماحة، حين سأل: ألا تنظر الولايات المتحدة إلى فلسطين فترى ان «الإرهاب» استدعى الاحتلال؟

في حين عكست الصحف الغربية والأميركية خصوصا، صورة الولايات المتحدة داخليا وخارجيا بعد سنتين من الهجمات. ونقلت استفتاءات تشير إلى «المزاج» الشعبي وأكد استفتاء أجرته «نيويورك تايمز»، ان هذه الهجمات لاتزال تؤثر بشكل كبير على الوضع النفسي للنيويوركيين. واتضح ان ثلثي العينة التي شملها الاستطلاع عبّرت عن خشيتها من حدوث اعتداء آخر في المدينة، فالشعور بعدم الطمأنينة يلازمهم في كل الأوقات. وفي استفتاء آخر، نشرته «واشنطن بوست»، ظهر ان حوالي 07 في المئة من الأميركيين يعتقدون ان الرئيس العراقي المخلوع متورطٌ في الهجمات.

أما على المستوى الداخلي فلاحظت تململا من الأميركيين عموما من تدهور اقتصادهم الوطني، المثقل بكلفة عسكرية باهظة لتغطية نفقات الوجود الأميركي في العراق وأفغانستان. ورفض المجتمع الدولي المساهمة في دفع الفاتورة الأميركية، بسبب تمسك واشنطن بصلاحياتها المطلقة وإعطاء الأمم المتحدة دورا ثانويا.

ولاحظت «الأخبار» المصرية غياب احتفالات الذكرى الثانية في أميركا. فقد سئم الأميركيون التحذيرات الأمنية وصارت مثار نكات صحافية وأصبح الاقتصاد قضية ملحة بدلا من الارهاب فهناك 9 ملايين يعانون البطالة على رغم أقوال بوش التي تدعو إلى التفاؤل وسياساته لحماية الأميركيين وانه يشعر بالتفاؤل إلاّ ان الارقام التي يحفظها الأميركيون لا تكذب وهم لا يتعاملون مع الأمنيات. لافتة في المقابل إلى الظروف التي تعيشها بلادنا إذ تأثر المسلمون والعرب من ملاحقة الارهاب بعد أن تم ربطه بالاسلام وكان الاتهام ان العالم العربي يؤوي ويدعم ويمول الارهاب بحسب التوصيف الأميركي ويشكلون خطرا على الأمن الأميركي. مشيرة إلى ان المعركة نقلت إلى العالم العربي.

وسجلت الصحيفة المصرية أيضا ان الذكرى الثانية لـ 11 سبتمبر تجيء مع تغيرات في الأجواء الأميركية تهدد آمال بوش في انتخابات الرئاسة المقبلة.. مؤكدة في الوقت عينه ان على العالم العربي والاسلامي الحذر لأن أميركا وهيبتها يرتكزان على النجاح أو الفشل في العراق لقد تراجعت شعبية بوش و46 في المئة من سكان نيويورك أعلنوا في استطلاع انهم لن يصوتوا لصالح بوش وانهم يفضلون التصويت لصالح مرشح ديمقراطي أيا كانت هوية هذا المرشح القادم و95 في المئة يرون ان مواصلة أميركا سياستها في العراق وفي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يجعلها مرشحة بصورة أكثر لهجمات تشبه ما حدث قبل عامين.

وتحت عنوان «صباح الخير اميركا» كتبت «الرأي العام» الكويتية لتلاحظ ان عامين مّرا ولم يتغير شيء في جوهر الأمور: إدارة تفكر بجرحها لا بعقلها وإرهاب يقامر بأرواح الأبرياء، وكأنما الطرفان تقول الصحيفة الكويتية، متفقان على التبارز العلني والسري في ساحة مصارعة، ضحاياها الجمهور. وتابع رئيس تحرير «الرأي العام»، جاسم بودي: صباح الخير يا أميركا... لا نريد لأمتك العظيمة أن تعيش على تقويم 11 سبتمبر، فصباح ذلك اليوم كان شرا لك ولكل دول العالم وللعرب والمسلمين تحديدا. نريد صباحات جديدة تبدأ شمسها من إدارتك، فيتوحد خطابها ويسمو ويرتقي على سياسة المعايير المختلفة في اتجاه عادل أكثر، حتى نستطيع أن نواجه، نحن أصحاب البيت، الظواهر الشاذة التي تشعل النار عندنا وتستقطب النار من الخارج بدل... الماء.

ولفتت «القبس» الكويتية في تقرير لها إلى عودة أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري إلى الظهور الإعلامي عشية الذكرى الثانية لحوادث 11 سبتمبر، في خطوة رأت انها سياسية وإعلامية هدفها القول انهما على قيد الحياة، وان «القاعدة» مستمرة في مشروعها، وان المراهنة على القضاء عليها غير ممكن. واعتبرت ان وجود الرجلين معا أعاد التذكير بمصير عدي وقصي صدام حسين، وإن كانت ترجح انهما يعيشان بشكل منفصل وقد التقيا لتصوير الفيلم فحسب.

ولاحظ سماحة في «السفير» اللبنانية، ان أميركا تسعى إلى إيجاد «نظرية» للعودة إلى مجلس الأمن وتعتمد على «روافد» كثيرة من أجل تدعيم هذه «النظرية»... لافتا إلى ان الحقيقة هي أن هذه النظرية تقوم على فكرة بسيطة: مَن كان معنا في 11 سبتمبر 1002 فعليه أن يكون معنا في 11 سبتمبر 3002 وبالشروط نفسها لأن المعركة نفسها ولا قيمة لمن استدعى الآخر: الولايات المتحدة أم «الإرهاب». وختم سماحة ساخرا: ألا تنظر الولايات المتحدة إلى فلسطين فترى ان «الإرهاب» استدعى الاحتلال؟

ولاحظ علي حمادة في «النهار» البيروتية مع انقضاء سنتين على هجمات 11 سبتمبر لم تتكشف الحقائق. ولفت إلى ان الدرس الأساسي للفترة التي انقضت منذ هجمات 11 سبتمبر يفيد ان الحرب العالمية لا تزال في مسار صاعد وان الولايات المتحدة غارقة في دوامتها وهي رهينة لها أكثر من قدرتها على إدارة دفتها وبالتالي على ضمان نتائجها في المستقبل. وليس بعيدا اعتبر عبدالوهاب بدرخان في «الحياة»، ان الذكرى الثانية لاعتداءات 11 سبتمبر تحل والعالم ليس أفضل... فليس بـ «الإرهاب» كما تفجر في 11 سبتمبر يمكن تغيير سياسات أميركا ولكن ليس بـ «الإرهاب» المضاد وليس بالسياسات الممقوتة ذاتها يمكن الخروج من ركام 11 سبتمبر.

وخلص بدرخان إلى القول: ان العالم بات «أفضل» بعد سقوط صدام وسيكون «أفضل» بعد رحيل جورج بوش وزمرته. ولاحظ ساطع نورالدين في «السفير» ان إدارة بوش، التي سعت أخيرا إلى إعادة إنتاج فاجعة هجمات 11 سبتمبر 1002، وإحياء الذكرى الثانية وتفاصيلها الدقيقة بطريقة دراماتيكية مؤثرة، سرعان ما صرفت النظر عن الفكرة، وقرّرت الاكتفاء بدقائق صمت ولحظات حزن خاطفة تساهم في نسيان الماضي بدلا من استحضاره.

وإذ أكد ان قرار الإدارة بأن يقتصر الاحتفال بالذكرى على الحدود الدنيا من التفجّع، كان مفاجئا بعض الشيء، حتى لوسائل الإعلام الأميركية، لفت نورالدين، إلى انه لم يتم تقديم أي تفسير واضح لمثل هذا القرار. وأكد نورالدين، ان القرار الأميركي لا يعبّر فقط عن حاجة نفسية لدى الإدارة والرأي العام لنسيان الفاجعة والمضي قدما في الحياة اليومية الطبيعية مثلما لا يعكس تقديرا سياسيا بأن التفجع يسيء إلى الحرب على أفغانستان والعراق! وختم مقاله ساخرا، فقال: ربما هناك سر لا يعرفه سوى أسامة بن لادن نفسه!

وسألت «الشرق الأوسط» السعودية انه بعد عامين من حوادث 11 سبتمبر، هل بات العالم أكثر أمانا؟ واعتبرت انه إذا كان تدويل عملية إعادة بناء العراق سياسيا وبنيويا هو المخرج المتاح أمام الإدارة الأميركية للخروج من مأزق الاحتلال فقد تكون العودة إلى الاقتراح العربي لتحديد واضح «للإرهاب» واستطرادا لمقاربة سياسية لا أمنية فقط لأسبابه مخرج واشنطن الآخر من حرب تقر إدارة بوش بأنها حرب طويلة ومكلفة.

واعتبر طاهر العدوان في «العرب اليوم» الأردنية انه من المهم أن يظل الباب مفتوحا على مصراعيه للحوارات بين الجانبين العربي والأميركي لأن هذا هو السبيل لاحتواء حدث خطير مثل هجمات 11 سبتمبر والعمل على تجاوزه من أجل سلام عربي - أميركي. ورأت «الشرق» القطرية ان تاريخ 11 سبتمبر بات حجَّة أميركية للانطلاق منه إلى حيث لا يريد الكثيرون. وسخرت قائلة: ان تنظيم «القاعدة» أصبح أخطر من صواريخ كوريا الشمالية، والنيل من «القاعدة» وتفكيكها أصعب من تفكيك المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفياتي، وأصعب حتى من الخروج من تحت عباءة الأمم المتحدة، وأعباء الحلف الأطلسي.. من مقاطعة أوروبا القديمة ومعها عدد من أخلص الدول الحليفة في آ

العدد 378 - الخميس 18 سبتمبر 2003م الموافق 22 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً