العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ

النِّعَمْ وَالنَّعَمْ

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سُئِلَ روبرت باير أحد مسئولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عمّن يقترح لشغل منصب مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد باراك أوباما فرشّح لهم باكمينستر فولر الذي توفي منذ عقود!.

باير قال «توفي فولر منذ زمن بعيد، لكن البيت الأبيض بحاجة إلى صاحب رؤية بمستواه للتوصّل إلى طريقة تضع حدا لاعتمادنا على النفط، وعلى أنظمة مثل النظامين السعودي والفنزويلي»!.

ما قاله باير له وجهان من القراءة. الأول وهو أن تهجين العلوم في الولايات المتحدة وراد. فباكمينستر فولر هو في الأصل مهندس مخترع كتب عن صِيَغِ المبادرة وتحديد الأهداف القريبة والبعيدة، ومنصب مستشار الأمن القومي منصب سياسي ممزوج ببهارات استخباراتية. على رغم أن الاستعارة هنا أيضا واردة من قِبَل روبرت باير.

الثاني هو أن الولايات المتحدة تُدرك بأنها لم تُؤمّن ضمانات كافية لعدم تكرار أزمة النفط في سبعينيات القرن المنصرف. هي قامت بترتيبات سياسية مُحددة لدى بعض الأنظمة العربية القائمة وتثمير جميع التناقضات ضدها في نفس الوقت.

لكنها لم تُشيّد سياجات وقائية لأزمة غير متوقعة تصيب جسم هذه الأنظمة التي تعيش على أحواض 60 في المئة من الطاقة العالمية. كما هو الحال من خشيتها أن تقع المشروعات النووية في أيدي منظمّات إرهابية كالقاعدة في باكستان، أو في أيدي أنظمة شمولية (حسب وصفها) كما في إيران.

جميع الدول ممن تمتلك تقنيات أو صنائع أو ظروف جيوبوليتيكية معينة تقوم باستثمارها سياسيا. حتى تكنولوجيا مصافي النفط يتم استغلالها ضد إيران. وحتى المعلومات الاستخباراتية يتم إرهاب الدول من خلالها عبر كشفها أو سترها كما هو الحال في روسيا وبعض دول أميركا اللاتينية.

بل وحتى السلع والمنتجات والخضار والفواكه يتم تجويع الدول عبرها لتحقيق أغراض سياسية كما هو الحال في كوريا الشمالية ودول القرن الأفريقي ووسط القارة السمراء، على رغم أن المزارع الأميركية تُتلف الأطنان من مُنتجها للمحافظة على أسعار السوق!.

فما بال النفط لدينا لا يُغادر شكله التجاري؟!. أقصى ما تفعله الدول هو مراقبة العرض والطلب فقط. الروس استطاعوا ترك أوكرانيا تتجمّد بعد حجبهم الغاز عنها، لو أنها لم تتعقّل وتُدرك موازين القوى في القوقاز كما ينبغي.

وكادت (روسيا) أن تحرم أوروبا من 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز أيضا لو أنها تمادت في غيّها بعد الأزمة الجورجية. وهو ذات الأمر الذي حدا بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لأن يَنْر مراسلة نيوزويك ماكنيكول عندما سألته عن عقوبات اقتصادية غربية مطروحة ضد روسيا.

أما نحن فلا ضير لدينا أن تُزوّد مصر الكيان الصهيوني بالغاز وقطاع غزة يُدَك بالصواريخ، وليس لديه كهرباء، فضلا عن استثماره في قضايا إقليمية وعالمية أوسع. الموضوع يبدو غريبا حقا.

من حوض الخليج وحده يخرج 40 في المئة من احتياجات العالم من النفط. والدول المُصدّرة للغاز في أغلبها عربية أو إسلامية، تستحوذ على 70 في المئة من احتياطي الغاز العالمية، وأربعين في المئة من الإنتاج.

وصناعة الدول تعتمد على 44 في المئة على الغاز، وهي نسبة تتزايد سنويا بمقدار 2.4 في المئة كما تفيد بذلك هيئة الطاقة الأميركية. وهي أرقام لم تصلح إلاّ للتندر بها (من قِبَلِنا) والتباهي أمام من لا يملكونها.

إن هذه أزمة حقيقية؛ لأنها لا تراعي المصالح الوطنية والقومية. إذ كيف يُعقل أن دولا تعيش وسط صراعات إقليمية وعالمية لا تكون طرفا في حلّ قضاياها عبر أوراق متاحة ومتيسّرة؟! إنه عجز سياسي ذاتي لا يحتاج إلى خصوم لكي يتنكّب

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً