شكل انتخاب باراك أوباما في نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2008 رئيسا للولايات المتحدة تاريخا في طور التشكل، و بالنسبة لكثير من الأميركيين السود فإن انتخابه كان علامة فارقة لا يمكن إنكارها في العلاقات العرقية.
وبعد مرور عام فإنه من غير الواضح كيف غيرت رحلة أوباما إلى البيت الأبيض القوى المحركة الأساسية بين البيض والسود في أميركا.
دخل أوباما البيت الأبيض وهو يعاني من جملة مشكلات- اقتصاد يعاني من ركود شديد وحربان في أفغانستان والعراق - وسلسلة من الأولويات الداخلية الكبرى منها نظام التأمين الصحي ومواجهة مشكلة تغير المناخ.
ويتعرض الأميركيون من أصول إفريقية لضغوط شديدة بغية إيجاد سياسات مفصلة تلائم احتياجاتهم. وقد حكم أوباما تماما مثلما أدار حملته الانتخابية: هو يمثل البلاد وليس أقلية واحدة.
يقول الأستاذ الزميل بمركز التقدم الأميركي، سام فولوود «أنا شخصيا لا أتوقع من أوباما أن يفعل أي شيء خاص يساعد الأميركيين من أصول إفريقية في الاقتصاد بأكثر ما يفعل في مسعاه لحل مشكلات الاقتصاد الأميركي بشكل عام. أعتقد أنه من غير ألإنصاف ومن غير المعقول أن نفكر بطريقة أخرى».
وهذا يمكنه مع ذلك أن يساعد في سد الفجوة. فعلى سبيل المثال الأميركيين من أصول إفريقية سيحصدون أكثر من دفع أوباما من أجل تطبيق نظام رعاية صحية عالمي: فالسود هم على الأرجح الأقل استفادة من البيض من نظام التأمين الصحي.
بيد أن فولوود يعتقد أن التأثير الأكبر على الأميركيين من أصول إفريقية يكمن في ما يصفه بـ «المناخات». وثمة حوار أوسع بشأن العرق وانتخاب أوباما خلق شعورا من « الفخر» أعطى الأميركيين من أصول إفريقية إيمانا أكبر بطاقاتهم.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «يو إس ايه توداي» هذا الشهر أن 41 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن العلاقات العرقية تحسنت منذ الانتخابات مقارنة بـ 22 في المئة قالوا أنها ساءت.
وقالت غالبية من الأميركيين من أصول إفريقية - 53 في المئة - إن الأمور تحسنت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني. لكن 72 في المئة قالوا أيضا إن العنصرية لا تزال منتشرة بصورة واسعة النطاق في الولايات المتحدة.
وبالنسبة للبعض فإن العنصرية تكمن تحت السطح في صورة جدل عنيف بشأن الاتجاه الذي تأخذ فيه إدارة أوباما البلاد.
خلال حفل عشاء محلي في كولبيبر وهي مدينة يشكل المحافظون غالبيتها في فيرجينيا بدا أن أولئك القائمين على الخدمة والزبائن كارهون لمناقشة السياسة.
بيد أنه عندما اعتقدت نادلة أنها بعيدة عن مرمى السمع تمتمت قائلة: «بعد انتخاب أوباما شعرنا بالرعب».
وكان الرئيس الأسبق جيمي كارتر هو أبرز السياسيين الذين أوحوا بأن مسألة العرق تكمن خلف بعض من أشرس الهجمات والمخاوف السياسية تجاه أوباما.
وقال كارتر لتلفزيون «أن بي سي» في سبتمبر/ أيلول «أعتقد أن نسبة طاغية من العداء الموجه للرئيس باراك أوباما مبني على حقيقة انه أسود».
ويرفض المحافظون بشدة فكرة أن ثمة عامل خفي عنصري في هجماتهم. والبعض يأسى أن جنس أوباما كان له التأثير العكسي: فالخلاف الأمين مع الرئيس يؤخذ الآن على أنه تحامل.
يقول دان وايت، وهو صاحب حانوت في كالببر «أنا لا يعنيني لون جلده. فلو كان مرشحا محافظا أسود اللون سأعطيه صوتي مع ذلك».
وقد آثر أوباما في الغالب الابتعاد عن المناقشة. ورفض فكرة أنه الهجمات ضده ذات دوافع عنصرية. وطوال العام لم يتحدث إلا قليلا سواء في المناسبات أو خلال خطبه عن العلاقات العنصرية.
يقول الأستاذ المساعد للإعلام والثقافة بجامعة نيويورك، شارلتون مكلوين «أعتقد أن رفضه الحديث صراحة عن العنصرية طوال حملته الانتخابية وطوال العام أمر أثار فزع البعض».
لكن مكلوين أضاف أن ثمة دوافع سياسية يمكن فهمها لصمت أوباما النسبي وهو: أنه يفعل بالضبط ما يتعين أن يفعله كي يبقى».
العدد 2617 - الأربعاء 04 نوفمبر 2009م الموافق 17 ذي القعدة 1430هـ