الزواج هو السبيل للقرار والاستقرار، ولطالما حث الدين الحنيف على الزواج المبكر مادام المرء قادرا على تحمل كلفه، وهو - كما وصفه سيد الأنبياء وخاتم المرسلين (ص) - الوجاء الذي يقي الإنسان مغبة الانسياق وراء ما يزينه الشيطان وشهوات الدنيا التي لا تنتهي.
ولقد أكرمنا الله تعالى بدين الإسلام فصاغ لنا من خلاله نهج الحياة الكريمة، وشرع لنا ما فيه السعادة الأزلية. والزواج هو حلقة من حلقات هذه السعادة التي تضمن العيش الكريم للإنسان لأن الله عز وجل خلق البشر للتكريم وفضلهم على بقية خلقه.
ولعل هذه العلاقة المقدسة هي الحلقة المفقودة في المجتمعات الغربية والديانات المحورة، فلسنوات طويلة لم تكن الكنيسة قادرة على تنظيم هذه العلاقة إذ إنها لم تسمح بفسخها، ونتج عن ذلك علاقات الهوى والعشيقات. ومازالت المجتمعات الغربية تطبق فكرة وحدانية الزوجة وتعدد الأزواج، أو وحدانية الزوج وتعدد الزوجات، عدا عن النوادي الليلية التي لا يسمح للذكر والأنثى بدخولها إلا وهم أشباه عراة، والأهم من ذلك نزع الحياء، وبعد انتهاء الحفلة يجلب إناء يضع فيه الرجال مفاتيح سياراتهم، وتأتي النساء لتخترن من بين هذه المفاتيح، وسيئة الحظ من تلتقط مفتاح زوجها أو عشيقها.
أما الإسلام فعمد إلى تنظيم هذه الحياة، وضمن لكل من الزوج والزوجة الحقوق التي تترتب على الواجبات، وسعى الدين إلى ضمان كرامة المرأة وصون عفتها، فتعامل معها على أساس أنها آية من آيات الله على أرضه «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها» (الروم 12). وبهذا المفهوم فالمرأة هي إحدى آيات الله، ولكن مَنْ يعامل المرأة على هذا الأساس؟! لقد ابتعدنا كل البعد عن تعاليم الدين التي صاغها لنا الله تعالى في دستور الحياة وهو القرآن الكريم، ونظرا إلى هذا الجفاء شاعت العلاقات غير المباحة، وشاعت حوادث الطلاق... ان نظرة ثاقبة إلى الوراء تبين لنا الوضع المرير الذي نعيشه في علاقاتنا، الإسلام مازال موجودا وتعاليمه هي هي لم تتغير، ولكن النفوس تغيرت.
وتشاع حاليّا مسألة الزواج على شبكة المعلومات (الإنترنت)، وهذه التجربة استقتها بعض المجتمعات العربية من المجتمعات الغربية، وهي لشيء يندى له الجبين... منذ متى تصدر لنا المجتمعات الغربية قوانين اقتران الرجل بالمرأة؟! وهل من الممكن أن تنجح هذه العلاقة التي فشلت أصلا في الغرب؟! لا مانع من تطبيق الدين ولو بواسطة الطرق الحديثة، ولا مانع من الاقتران مادام ذلك يتم بالطرق التي شرعها الإسلام. ولكن، يبقى أمر واحد، وهو أن قواعد الدين لا يمكن أن تتغير بتغير الزمان، فالصلاة لا يمكن أن تخفض لثلاث صلوات نتيجة لتطور الزمن. لا بأس بكل ما هو جديد، ولكن، كل جديد يجعل المرء ينسلخ من جلده فهو مرفوض، وكل عادة تصدرها إلينا المجتمعات المنحلة لا خير فيها، ولا حياة لمن تنادي.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 374 - الأحد 14 سبتمبر 2003م الموافق 18 رجب 1424هـ