رحم الله الراحل الكبير الذي ترك فراغا في البلاد وأطنانا من الأحزان في قلوب آلاف البسطاء كما ذكرت في العمود السابق، وبعد أن ودعت البحرين ذلك الإنسان العظيم والشهم نقلت إلينا الصحافة العربية في الحقيقة خبرا مؤسفا بحسب تقييم مسئولي أخبار الصفحة الأخيرة عن راحل جديد.
لا أدري هل يقام على هذا الراحل الجديد صلاة الغائب؟ كما فعلت الشعوب العربية في أعقاب وفاة المرحوم جمال عبدالناصر.
وإذا قلنا أن الشعب الفرنسي حزن بشدة على مقتل قائد ثورتهم التاريخية ضد الإقطاع (ميرابو) الذي قال قولته المشهورة (نحن هنا بإرادة الشعب ولن نبرح هذا المكان إلا على أسنّة الرماح)، وحزن الشعب العربي على رحيل عبدالناصر لأنه كان بطلا قوميا إذ ان الصحوة العربية قامت على يده في أعقاب نجاح ثورة يوليو المصرية 2591م، والشعب البحريني وخصوصا في القرى حزن على رحيل الحاج حسن علي العالي لأنه تيتم برحيله الآلاف فقد كان لهم أبا رحيما وعطوفا فعلا.
لكن هناك راحل جديد أبرزته مختلف الصحف العالمية ووكالات الأنباء والشعب البحريني أصبح في حيرة منه هل يصلي على هذا الراحل صلاة الغائب فقد مات في مملكة افريقية صغيرة بعيدة عن بلادنا.
إن الملكة الأم في ليسوتو قد ماتت عن عمر يناهز الثانية والستين ربيعا فجأة ومن دون مقدمات.
يا كبدي عليها فقد كانت هذه الإنسانة الفاضلة في زيارة للكنيسة برفقة مجموعة من السيدات، والأَمَرّ من ذلك أن روحها الطاهرة رحلت إلى بارئها من دون أن يكشف المسئولون في بلادها سبب وفاتها ما أحزن المسئولين في صحافتنا المحلية التي أوردت النبأ بشكل بارز في موقع حساس على الصفحة الأخيرة.
أنا لا أدري إن كانت قد تركت شيئا عظيما في ذاكرة شعبها، عملا بطوليا، مساكن شعبية خدمت المواطنين أو مشروعات ستنهي أزمة البطالة، لكن الذي عرفته جيدا وأؤكد عليه أنها تركت خلفها اسما جميلا هو (مامو هاتو برنج سيسيو) وأعتقد أنه اسم سهل اللفظ وحلو المذاق (ليطيل في عمر ولدها الملك ليتسي الثالث عاهل ليسوتو).
سؤال ساذج أود طرحه على المسئولين عن الصفحة الأخيرة في صحافتنا وفي مقدمتهم صحيفة «الوسط»: هل هذا الخبر يستحق أن نملأ صفحاتنا به؟!
هل هناك قحط في الأخبار أم إن وكالات الأنباء العالمية أفلست حتى لم يكن عند مسئولي الصفحات الأخيرة إلا مثل هذا الخبر الذي لا يمت إلينا بصلة لا من قريب ولا من بعيد، والغريب أن معظم الصحف العربية تحمست له وأخذته ما يؤكد أن العقلية العربية واحدة
العدد 373 - السبت 13 سبتمبر 2003م الموافق 17 رجب 1424هـ