المقال الفكري نشاط صحافي قديم نشأ بشكل كثيف في أوساط فرنسا الثقافية إبان الجدل المحتدم الذي نشأ بين المثقفين البنيويين والوجوديين في فرنسا في الخمسينات والستينات، إذ برز المفكر البنيوي جاك دريدا رائدا لهذا المجال مفسرا عبره المقولات الكبرى للمدرسة البنيوية ممثلة في ميشيل فوكو وكلود ليفي استراوس والثوسير فالأول لم يكتب مقالا في حياته وأقصر محاضرة ألقاها أضحت كتابا من القطع المتوسط سمي بـ «نظام الخطاب» اما الثاني فان أقصر مقال كتبه عبارة عن كتاب أصبح من اشهر الكتب في الانثرولوجية الثقافية اسماه فيما بعد «بالفكر الوحشي» وقد ترجمه البعض «بالفكر البرِّي». والمفارقة أن دريدا لم يكتب كتابا كاملا في حياته وعندما ارادوا صنع كتاب له جمعوا بعض مقالاته المتجانسة نوعا ما وأخرجوا له كتبا فيما بعد تعبر عن مدرسته التفككية «تفكيك النص».
الذي جعلني ارتاد هذا الحديث عن تاريخ وكتابة المقال الفكري والسياسي هو الاشادات الكبيرة التي دائما اسمعها من القراء في إشادتهم بالمقالات التي وصفوها بـ «الدسمة» التي تنشرها «الوسط» يوميا على صفحاتها ومعللين إعجابهم بالتنوع الفكري والسياسي للكتَّاب والاختلافات في المضامين وفي المشارب الجغرافية والثقافية، وهذه الاشادات هي محل تقدير والصحيفة تحتفل بعامها الأول.
لعب المقال في المجتمع الخليجي دورا بارزا في عملية التنور والتثقيف الذاتي علاوة على ما يقوم به المقال من دور رقابي وسلطوي كان محل توثيق لفترات غاية في الأهمية فيما يختص بإنشاء المؤسسات الخدمية
إقرأ أيضا لـ "خالد أبو أحمد"العدد 373 - السبت 13 سبتمبر 2003م الموافق 17 رجب 1424هـ