العدد 370 - الأربعاء 10 سبتمبر 2003م الموافق 14 رجب 1424هـ

علاقة المثقف مع الهوية والوظيفة

في فضاء العلاقة التي تحكم المثقف مع الهوية والوظيفة لا تزال الضبابية أفق المسألة، ومازال السؤال منطق الإشكالية، إذ لم تكتف الدراسات أن تشبع فضاء (تلك العلاقة) بالأسئلة، بل بعثت أسئلة أخرى فرعية في مضمونها وأخرى أساسية في أحايـــينها، ما زاد المسألة تعقيدا ولم تسعفها من مأزق اللاحسم.

لم تزل العلاقة غائمة، والوظيفة متوارية وراء سدود الطروحات، وذلك لأن الاســتـنباطات في ذينك الأمرين ترى بمناظير عدة وتنظر بمنظورات متعددة، لأجل ذلك أصبحت الهوية (غائمـة) والوظيفة (عائمة).

هناك من راح يسترسل بتوكيداته بأن المثقف لا بد من أن يؤسـس لهويته خارج المنظومــة العربية والإسلامية ليصبح (مثقفا عصريا) وذلك ما ذهب إليه إدوارد سعيد والجــابــري وآخرون... وهناك من يســتنطق الأباطيل (كما يرى) بواهيــتها من منطق أن التأصيل باعتباره مفهــوما للمثقف وتأســيسا لدوره لا ينسجم مع جو المثقف المسلم إذا استورد... وبذلك يذهب ذلك الرأي إلى أن التأصيل والتأســيس لا بد أن يكون من داخل المنظومة المعرفية بالدائرة الإسلامية، كما يؤكد (زكي الميلاد) في كتابه «محنة المثقف الديـني المعاصرة».

فمن البين بجلاء إنشطار صف المثقفين لشطرين... شطر منهم يسبح في فضاء الليبرالية ليــتنـعـم بالحلي التي سيـجنيها من ذلك الفضاء، وشطر آخر ذهب في سماء التأصيل من دون أن يخرج عن نطاقهــا ليـستحث التألق في وجوداته (كما يزعم أيضا)... الا أن من الواقع القول إن المثقف الذي يريد أن يؤطر تحركاته، لا بــد له من تأطيرها ضمن حدود الهوية... لا أن يستورد أبجديات الآخر ليكتب بها حروفه!

ووظيفة المثقف أيضا غير متفق عليها في الإطار الاجتماعي وما يحاكيه من علاقات... وعليه فإنه لا بد من تحديد لوظيفة المثقف هنا... وإشباع الأسئلة التي تطرح في سوح الفكر كالسؤال الشائع: هل وظيفة المثقف النقــــد؟ أم الإصلاح وتزكية علمه؟ أم الأثنان معا، باعتبار أن النقد يساوي الإصلاح بشرطية البناء في ذلك النقد؟

فمن منظور معرفي أن النقد لا ينفك عن الإصلاح والصلاح والبناء أو الترميــم، ذلك لأنه المشخص للمرض بلحاظ الشرط الآنف في حركته.

هنا إثارة «النقد» في قبال «الوظيفة» لا يتعدى بكثير ردة الفعل الحاصلة جراء النماذج المتكررة للمثقف المكرر لما اكتسب... فترديد المثقف للمعلومة المكتسبة ليس إلا تقوقع واجترار لأسبقيات قد تفيد في (بعض الوقت) لكنها لا تفيد في (كل الأوقات)... والوظيفة ترتبط بعلاقة المثقف مع العناصر المهمة في ارتباطاته وهذا ما سيأتي في طبيعة العلاقة ونقدها مع رجل الدين والمجــتمع.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً