العدد 370 - الأربعاء 10 سبتمبر 2003م الموافق 14 رجب 1424هـ

المترجمة... صراع الحضارات بمنطق الحب

المترجمة رواية للسودانية ليلى أبوالعلا تعيدنا فيها إلى الطيب صالح وبطله مصطفى سعيد الذي عاش توترا وقلقا وصداما بين الحضارات بشكل دموي ومرعب في حين أن بطلة ليلى تتلقاها بهدوء وسذاجة وعدم مبالاة فهي تعيش في الغرب لكنها لا تتفاعل معه بل وترفض إقحام غير المسلمين في حياتها.

سمر «أرملة سودانية شابة تعمل مترجمة في إحدى الجامعات الاسكتلندية مات زوجها بحادث سير وترك لها طفلا يعيش بعيدا عنها مع جدته لوالده في السودان». تعيش سمر وحشة الوحدة والفراغ العاطفي والجسدي في جو كئيب بكل ما يلازمه من إحساس بالنفي والصقيع والحنين إلى الوطن وبيت العائلة، فالوطن يمر بذاكرتها كثريا معلقة على سقف حياتها انه دوائرها من الضياء، تلتقي سمر «راي» بروفيسورا اسكتلنديا ومؤرخا متخصصا بشئون الشرق الأوسط ومحاضرا في العلوم السياسية للعالم الثالث (شعرت سمر بانفصالها عنه: منفية وهو في وطنه، صائمة وهو يأكل الديوك الرومية ويحتسي النبيذ).

انهما يعيشان في عالمين تشطرهما الحقائق البسيطة: (الدين، الوطن، العرق). وعلى رغم ذلك الاختلاف تقع في حبه فهي لم تعاني الغربة بقدر ما كانت تعاني الوحشة والوحدة وخوفها من قضاء بقية حياتها من دون زوج ولعل هذا ما يبرر قبولها الزواج من «عم احمد» الذي يكبرها كثيرا وله زوجتان وبسب ذلك حصل ذلك الشرخ الهائل في علاقتها بعمتها والدة طارق زوجها التي نهرتها ودفعتها للعودة إلى ابردين للعمل وإعالة ابنها «فتاة متعلمة مثلك ليست في حاجة إلى الزواج! أنت تتحدثين الانجليزية! تستطعين الاعتماد على نفسك واعالة ابنك» تبدو محاسن في الرواية هي المحرض على الهجرة واقتلاع الجذور في حين «راي» المتصالح مع ذاته ومع الحضارات هو عنصر التمسك بالوطن والعودة إليه والتعلق بالجذور والتاريخ يتكلم بثقة ويعرف عن الإسلام اكثر مما تعرف هي المسلمة المتدينة (هنا في اسكتلندا كانت تتعلم الكثير عن دينها. ياله من عالم واحد مترابط ! ما هي الأشياء التي لم تصادفك من قبل؟ حديث يقول ما معناه أن خير الجهاد كلمة حق تقال أمام سلطان ظالم .ليس هذا الحديث متداولا كثيرا ولم يمر علينا في المدرسة. كنت تذكرته لو درسناه بالمدارس) بل يعرف تاريخ وطنها اكثر منها.

على رغم ذلك لاتصاب سمر بصدمة حضارية من معرفة هذا المقبل من بعيد تفاصيل دينها الدقيقة والتواريخ الصحيحة ولم يدر في بالها أي صراع فكري حول الغرب والإسلام إنما تصاب بصدمة حضارية من ابسط الأمور (صدمة حضارية بالنسبة الى سمر. عجوز في ادنبرا يسمح لطليق ابنته بالإقامة في منزله! ربما يكون هذا السلوك الحضاري. في بلادها الزوج الذي طلق زوجته «ابن كلب» وتصبح الزوجة السابقة «معتوهة» ويعاملان على هذا الأساس !لا يستمران «أصدقاء» لا يتبادلان الأحاديث بعد الفراق).

سمر الفتاة المتعلمة تبدو غير معنية بصراع الحضارات الذي يدور حولها وفي مجال عملها، لم تعش صراعا بين عالمين وحواجز جغرافية وثقافية كان فقط صراعا دينيا تريد من «راي» أن يشهر إسلامه ليتمكنا من الزواج، بالمقابل «راي» لم يكن من أولئك الذين يمكن أن يتدينوا، درس الإسلام من اجل معرفة سياسات الشرق الأوسط وليس لغرض خاص به شخصيا. لم يكن يبحث عن شيء روحي كل ما يهمه أن يكون موضوعيا ومتجردا، كان صريحا ومتفاهما لصراع سمر الديني، هذا الصراع الذي يبدو تعصبا أحيانا وعائقا أمام لغة الحب والحوار والصداقة في رواية كتبت بلغة مذهلة ومكثفة على رغم بساطة البطلة، تسير الحوادث بتماسك ومتانة بل ومدهشة أحيانا لوصف المشاعر الداخلية المتصارعة لكن الرواية تخفت في نهايتها غير المتوقعة وغير المقنعة فراي يدخل في الإسلام ويأتي الى السودان ليتزوج سمر في نهاية الرواية والتي كتبت بفنتازيا وخلل وهشاشة لا تتماشى مع قوة الرواية في بدايتها.

المترجمة رواية صراع الحضارات بمنطق الحب وقد نالت نسختها الأصلية الانجليزية جائزة «الاميركان بوكر» لعام 0002.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً