تستعد جامعة البحرين في هذا الفصل لاحتضان ما يربو على ثلاثة آلاف طالب وطالبة ليلتحقوا بركب المسيرة الجامعية استنادا إلى ما أعلنته الجامعة مسبقا في الصحافة، ليصل بذلك العدد - تقريبا - إلى 22 ألف طالب وطالبة!
هذا الفوج الجديد المتطلع إلى حياة اكاديمية جديدة ومختلفة عن الاجواء المدرسية التي عاصرها من قبل، امتلأت اذناه بأقاويل محبطة عن الاوضاع التي تسود الجامعة والمشكلات الكثيرة التي يواجهها الطلاب هناك، فأصبح محبطا نفسيا قبل ان يدخل في المعمعة ويخوض في هذا المضمار! وعلى اية حال يقول المثل الشعبي الدارج «كل شي له ساس، والباقي من عند الناس»!!
اعتقد ان مشكلة جامعة البحرين تكمن في نقطتين: الاولى، عدم التخطيط المسبق للقرارات الصادرة، والثانية، عدم تواصل الادارة المباشر مع الجسم الطلابي.
فمع هذا التزاحم الطلابي اصبح الكل «يحارب»من اجل الحصول على مواد دراسية وتقليص مدة سنوات الدراسة للتخرج «السريع»، ولكن هذا الطالب «المجاهد» يفاجأ بقرارات تمنع «اضافة المقعد» وتمنع حصوله على فصل صيفي لمواد مستوى الـ 003 والـ 004 وتمنع حصوله على مادة في المساء عند ادائه للتدريب العملي... وتمنع وتمنع وتمنع!!! هذه العراقيل تسبب للطالب احباطا نفسيا وتقلل من عدد المتخرجين من الجامعة، وقد يكون الاخير هو الهدف الاساسي لأن سوق العمل لا يستوعب عدد المتخرجين سنويا. ولكن، ألا تزيد هذه القرارات من درجة «الاختناق» الطلابي في الجامعة من جهة اخرى؟ ألن تكلف الجامعة الكثير من الاموال لبناء المزيد من المباني والمرافق ومواقف السيارات وغيرها؟ هل خططت ادارة الجامعة جيدا قبل تطبيق هذه القرارات؟ وهل سألت نفسها ما النتائج المترتبة على هذه القرارات؟ وهل ستخفف مشكلة البطالة حقا، أم ستزيد الطين بلة؟
وعلى رغم ذلك، قد تكون هذه القرارات في مصلحة الطالب، كما عبر احد العاملين في قسم التسجيل إذ يقول: ان ادارة الجامعة تسعى إلى النهوض بالمستوى الاكاديمي عن طريق التركيز على «الكيف» وليس «الكم»... وان كلا من هذه القرارات له مبرراته... السؤال: لم لا يكون هناك حوار مفتوح بين ادارة الجامعة وبين طلابها، أو بيان تصدره الادارة لتوضح من خلاله اسباب اتخاذها لهكذا قرارات؟ ولماذا لا يكون هناك نوع من الاستفتاء الطلابي قبل تطبيقها؟ ان هذه «الفجوة» بين الطالب والادارة يجب ان تتقلص وإلا ضاعت الثقة بين الطرفين.
ان هذا «الاكتظاظ الطلابي» تتمخض منه مشكلات أخرى تتمثل في نقص الصفوف والمدرسين، والاختيار السيئ لبعضهم والاضطرار إلى تجديد عقودهم لعدم وجود البديل، فقد شهدت معاناة بعض الطلبة مع «بروفيسور» جاء من خارج البلاد ليدرس في الجامعة، وإذا به يغير المقرر المطلوب على الطلبة إلى مقرر آخر يتناسب معه هو، ويعطيهم امتحانات «فضائية» غريبة أودت بدرجات الطلبة إلى الهاوية، إلى ان وصلت صيحات شكاوى الطلبة إلى عميد الكلية الذي قام بسحب كل المقررات التي كان يدرسها هذا البروفيسور!! والمشكلة انهم في الفصل اللاحق نقلوا هذا البروفيسور إلى قسم آخر لتتكرر المأساة مع طلبة ضحايا جدد... والسؤال هو: هل ستضطر الجامعة إلى تجديد العقد مع هذا البروفيسور وأمثاله؟؟ اتمنى ألا يكون ضغط «الحاجة» إلى المدرسين أقوى من الانتقائية على اساس الكفاءة.
كل طالب يقرأ في الصحف عن تبرعات مادية لجامعة البحرين مهداة من قبل شركات ومصارف، يبني آمالا في الحصول على مواقف «مرصوفة» للسيارات، إذ أصبح حصول الطالب اليوم على موقف لسيارته «انجازا» عظيما، فأصبح يطالب بزيادة عدد المواقف بدلا من مطالبته بتظليلها كما كان يحلم في السابق!! اتمنى ألا يتذوق الطلاب الجدد «عذاب الزحمة» داخل شوارع الجامعة وخصوصا في الساعة الثامنة صباحا، فالآمال معلقة على ان تفتح الجامعة بوابة جديدة للطلبة وتوسع من شوارعها لتخفف من فرط الزحمة وتمكن الطلبة من الوصول إلى حصصهم في الوقت المناسب.
في الختام، أقول إنه لا توجد جامعة، حتى العريقة منها، تخلو من مشكلات سواء على المستوى الاكاديمي او المناخ الدراسي. ولا اقصد عندما أتكلم عن المشكلات التي يعانيها الطلبة في جامعتنا الحبيبة ان انكر أن بها ايجابيات، ولكني اؤمن بأن الانتقاد البناء والمطالبة بإيجاد حلول للمشكلات يساعد في دفع عجلة التطوير حتى تصل جامعتنا إلى المستوى المطلوب المشرف.
العدد 367 - الأحد 07 سبتمبر 2003م الموافق 11 رجب 1424هـ