«رحمه الله»، «لم يقصر»، «بنى المنازل للفقراء، ودرّس أبناءهم ودعم، الصناديق الخيرية، وصرف الأموال الشرعية لمستحقيها»...
هذه بعض الكلمات التي نسمعها منذ وفاة المرحوم الحاج حسن بن علي العالي.
لقد بدأ حياته فقيرا، بل كان من الفقراء الذين اضطرتهم الظروف إلى العمل منذ سن التاسعة في الفلاحة وثم في «النورة» والفخار، وبعد ذلك في نقل مواد الدفن سائقا لشاحنة ثقيلة، وبعد ذلك شرع في تأسيس امبراطورية كبرى، تعتبر من أكبر المساهمين في تنشيط الاقتصاد المحلي.
«كان أول من جلب المصانع إلى البحرين» عبارة قالها عنه رئيس مجلس إدارة «الوسط» فاروق المؤيد، مشيرا إلى إحسانه المشهود له من الجميع...
انه شخصية فذة بدأت سيرتها بجد واجتهاد لتثبت أن الثمار الحسنى لا تأتي إلا لمن سعى إليها. كان والده يعتمد عليه في الرزق، بل إن والده كان يطلب منه التنقل في المساء والليل «ويرتاح» أثناء التنقل لكي لا يضيع الوقت. وهكذا كان ينقل البضائع باستخدام الوسيلة البدائية التي تعتمد على القوة العضلية للإنسان والحيوان المستخدم في النقل.
غير أن ذلك الشاب الفقير قَبِلَ التحدي واستطاع إعانة والده على استحصال الرزق الحلال وأدى واجبه تجاهه وساعده على حج بيت الله الحرام، ثم انطلق إلى ميدان الأعمال الشاقة ليتغلب عليها ويمسك بزمامها ومن ثم يؤسس واحدة من أكبر المجموعات - التجارية - الصناعية في البحرين.
استشعر آلام الفقراء لأنه كان واحدا منهم، فبادر لمساعدتهم. وعرف معنى الحرمان في التحصيل العلمي فبادر لمساعدة أبنائه في التحصيل العلمي، بل انه شرع في تخصيص مساعدات ومنح للطلاب من أبناء الأسر المحتاجة. الصناديق الخيرية تعرف عطاءاته، وعلماء الدين يعرفون انه يخرج الحقوق الشرعية، ولكنه لا يبذّرها.
فتبذير أموال الزكاة والخمس والأوقاف كان ولايزال من أكبر مشكلاتنا، بل مصائبنا. فلو كانت هناك إدارة حسنة للأموال الشرعية وللأوقاف لما بقي فقير في البحرين، ولما تعطلت حياة أبناء وبنات الأسر المحتاجة لأنها لا تستطيع دفع المال لتعليم أبنائها.
أما الحاج حسن فقد تخطى تلك المشكلة ولم يسلم أمواله الى القنوات التقليدية التي تتسلم الأموال ولكن لا يستطيع أحد مساءلتها أو معرفة ما يجري لتلك الأموال، فالحاج حسن أنشأ إدارته الخاصة به لتوزيع الأموال الشرعية ولاستثمارها ومن ثم استخدام ما ينتج عنها في المحال الخيرة، وقد نجح في ذلك ولم تضع الأموال كما هو الحال المعتاد عليه.
الحاج حسن كان لديه طموح وأبناؤه بلا شك سيحققونه، وهو إنشاء جامع متكامل الخدمات على أسس إدارية متطورة بعيدة عن الأساليب التقليدية التي عجزت عن توفير خدمات دينية واجتماعية وثقافية.
الحاج حسن من الجيل الذي عرف كيف يتخطى الصعاب وألا يتهاون أمامها مهما تعقدت الظروف. وهو وأمثاله من الماضين والحاضرين فخر لأهلهم وأبنائهم وبلدهم. والحاج حسن ذكره يبقى بعد موته بأعماله وآثاره وإحسانه، ذلك لان الموت الحقيقي يطول الذين لا يعطون من أنفسهم لغيرهم حتى لو كانوا أحياء ... «فما المَيْتُ إلا مَيّتُ الأحياء».
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 367 - الأحد 07 سبتمبر 2003م الموافق 11 رجب 1424هـ