تواجه جولة الدوحة للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف خطر التعثر خلال المؤتمر الوزاري المقبل لمنظمة التجارة العالمية المقرر عقده بين العاشر من سبتمبر/أيلول والرابع عشر منه في منتجع كنكون بالمكسيك، وان تزيد بالتالي من مشكلات الاقتصاد العالمي الذي يعاني من الضعف.
وأُطلقت الجولة الجديدة من المفاوضات التجارية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1002 بمناسبة المؤتمر الوزاري الاخير لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة بقطر تحت عنوان «برنامج الدوحة للتنمية»، وهو عنوان ينم عن طموحات كبيرة اذ ينبئ الدول النامية بانتعاش اقتصادي نتيجة تحرير حركة التبادل التجاري. غير ان مؤشر التفاؤل هذا يزداد غموضا يوما بعد يوم.
وسيخوض وزراء التجارة في الدول الـ 641 أعضاء منظمة التجارة العالمية في منتصف سبتمبر في كنكون مفاوضات يتوقع ان تكون شاقة سعيا إلى اجماع بشأن الملفات الكثيرة المطروحة للبحث. وإتاحة جهود المفاوضين خلال الشهر الماضي وضع وثيقة تسوية تحيي الآمال في حال انضمام الجميع إليها بالتوصل الى اتفاق خلال المؤتمر.
وقال مدير معهد العلاقات الدولية الفرنسي بيار لوبوتي «ان الحكمة تملي علينا الاقرار بوجوب احراز تقدم بشأن بعض الموضوعات الجوهرية».
وكان استاذ العلوم السياسية والخبير لدى منظمة التجارة العالمية اوليفييه كاتانيو اكثر تشاؤما، فاعتبر انه سيتم تحقيق نجاح الى حد ما، ان توصل المفاوضون الى «حصر جدول اعمال (الدوحة) وارساء قواعد متينة لباقي المفاوضات»، مع توجيه «إشارات حسن نية إلى الدول النامية».
ولفت بيار لوبوتي الى ان منظمة التجارة العالمية انشئت أساسا «لتكون منتدى دائما للتفاوض، ويمكن استنادا إلى هذا المبدأ التقدم في الملفات الواحد تلو الآخر»، غير ان انحرافا في عمل المنظمة قادها تدريجيا إلى «آلية لا تطاق، تقضي بعولمة كل المجالات وتجعل من المستحيل ايجاد توازن».
ونقاط الخلاف كثيرة وبحجم الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات، غير ان موضوعين او ثلاثة يمكن ان تشكل حجر الاساس للتوصل الى اتفاق، فستكون مسألة وصول الدول الفقيرة الى الادوية لمكافحة الامراض مثل الايدز والملاريا، ووصول الدول النامية الى اسواق الدول الغنية، وإلغاء الدعم الحكومي للقطاع الزراعي تدريجيا، في صلب المحادثات خلال هذا المؤتمر الوزاري الذي يعقد كل سنتين، ويؤيد بيار لوبوتي «الحد من عدد الملفات»، من دون ان ينفي اهمية موضوعات مثل الاستثمار والمنافسة.
وقال الخبير «المهم اليوم هو الحفاظ على حركة تحرير المبادلات على الصعيد العالمي، اذ لا يمكن لاحد ان ينكر ان هذه الحركة رافقت النمو منذ اربعين الى خمسين عاما، وان فشلا خطيرا في دورة الدوحة ستترتب عليه عواقب وخيمة في الظروف الحالية».
وبعد ان تعرض الاتحاد الاوروبي للانتقادات في مؤتمر الدوحة، من المتوقع ان يواجه حملة جديدة في كنكون بسبب دعم دوله الاعضاء للقطاع الزراعي، غير ان الاصلاح الذي اقره أخيرا في سياسته الزراعية المشتركة يمنحه هامش تحرك.
واتاح هذا الاصلاح للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة التوصل الى اتفاق في منتصف أغسطس/آب بشأن خفض هذه المساعدات الحكومية، ولا سيما على مستوى المساعدات المباشرة. غير ان هذا التقدم اعتبر متواضعا جدا في بعض الدول النامية مثل دول مجموعة كيرنز (استراليا وكندا والارجنتين إلخ) فيما أثار انتقادات اليابان التي تصر على مواصلات مساعداتها الكثيفة لمنتجي الأرز.
وأوضح سفير المكسيك في جنيف مقر منظمة التجارة العالمية ادواردو بيريث موتا ان ملفي الزراعة والأدوية للدول الفقيرة يمكنهما بالتأكيد إعاقة التوصل إلى أي اتفاق في كنكون.
وتخطط المئات من المنظمات غير الحكومية والجمعيات المعارضة للعولمة والنقابات منذ الآن للتنديد في كنكون بالمفاوضات التجارية المسئولة بنظرها عن تدهور اقتصاد دول الجنوب. وستنشر السلطات المكسيكية جهازا أمنيا ضخما لتجنب وقوع تظاهرات عنيفة.
العدد 367 - الأحد 07 سبتمبر 2003م الموافق 11 رجب 1424هـ