على غير عادة كان آية الله محمد باقر الحكيم الذي عاد من منفاه بعد طول غياب شديدا في نقده للقوات الاميركية التي ترابط في بلاده، بالتوازي تماما مع سيل الاتهامات التي زج بها لأنصار النظام البائد، وقد دفع الرجل حياته ثمنا لها، وبالتأكيد فان هذه العملية لم تكن لتستهدف الحكيم الشخص بقدر ما تستهدف الخط السياسي الذي تمثله هذه الشخصية من الاعتدال والوسطية.
يا لنرجسية السياسة فلم يمض وقت طويل على سقوط النظام العراقي المخلوع، حتى توالى سقوط المرجعيات الدينية والسياسية في العراق، وهل يا ترى قدّر للنجف الاشرف التي شهدت استقرارا نسبيا وان شابه الحذر بعد انهيار دكتاتورية صدام، ان تكون دائما على موعد مع مسلسل دموي، ولكن من نوع آخر؟! فبعد اغتيال عبدالمجيد الخوئي في مارس/آذار الماضي، هاهو الحكيم يلقى المصير ذاته، وفي المدينة ذاتها، فالحادثتان متشابهتان في الملابسات، وان تباينتا في طبيعة الغاية والمقصد من كليهما.
ان ثمة سؤالا مازال يطرح نفسه بقوة الآن: من المسئول عن اقتراف كل هذه الجرائم، ولمصلحة من؟! هل هم فعلا أزلام النظام السابق، ام هم محررو العراق الجديد...؟ صحيح ان هناك مسافة بين هؤلاء الفرقاء الذين يقفون على طرفي نقيض في الرؤى والمصالح، لكن القاسم المشترك الأكبر بينهم، وربما الوحيد هو اعادة خلط الاوراق من جديد، من خلال تغييب هذه الشخصية من المسرح السياسي العراقي، لخلق حال من الارباك والانفلات الأمني، ليثبت كل منهم ان بقاءه على الواجهة العراقية مازال ضروريا. وقد يكون من الصعوبة بمكان استباق الحوادث وتوجيه اصابع الاتهام إلى اية جهة قبل ان تأخذ التحقيقات حقها في التحري، لكن المؤكد ان العراقيين قد خسروا فعلا شخصية من العيار الثقيل كان وجودها يمثل بارقة امل نحو عراق المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 361 - الإثنين 01 سبتمبر 2003م الموافق 05 رجب 1424هـ