ما حدث في «بتلكو» يعتبر تطورا كبيرا، ومؤشرا جديدا على أن البحرنة الحقيقية تفسد إذا فقدت رأسها وتنجح إذا امتلكت هذا الرأس، وبالتالي فإن البحرنة الرأسية التي حدثت في «بتلكو» يجب ان تتحول من الوضع المؤقت إلى الوضع الدائم، حتى لو احتاج الأمر إلى بعض الوقت المحدد سلفا.

فمن استعراض تجاربنا في البحرين، نجد أن الكفاءات البحرينية أثبتت دائما نجاحها في ادارة الشركات التي أوكلت إليها، وأنها إذا تم تدريبها ومنحها الفرصة والثقة فإنها تثبت جدارتها بل تفوقها على الإدارات الأجنبية، وانها ـ قبل ذلك وبعده ـ تتيح المجال واسعا امام إعداد الصفوف الثانية والثالثة من القيادات الإدارية والفنية.

وها هي الامثلة الكثيرة على تبوّء البحرينيين المراكز العليا في الشركات الصناعية والخدمية والمصرفية والتأمين وغيرها، ابتداء من حسن فخرو الذي اسس ورأس شركة «بنوكو»، ثم شركة «انت اويل»، وها هو اليوم وزيرا للصناعة، ومحمد صالح الشيخ علي الذي كان الرئيس التنفيذي لـ «بنوكو» ثم وكيلا لوزارة الصناعة، وهو الآن الرئيس التنفيذي لـ «بابكو»، ومصطفى السيد المدير العام لشركة الخليج لصناعة البتروكيماويات، وخليل زمان الرئيس التنفيذي السابق لشركة «باس»، وعبدالحسين ميرزا الذي شغل لمدة طويلة المركز الثاني في الإدارة العليا لـ«بابكو» قبل ان يصبح وزيرا، وحسن علي جمعة الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني، ومراد علي مراد الذي يرأس بنك البحرين والكويت... وإلى جانب هؤلاء الكثير من الكفاءات الذين تمكنوا من الوصول إلى رأس الادارة العليا في الشركات والمؤسسات التي عملوا فيها، والذين لم يتمكنوا من ذلك، ليس لأنهم لا يمتلكون الكفاءة والمقدرة، ولكن سيطرة القيادات الأجنبية حالت دون وصولهم إلى تلك المراكز، وعملت على تهميشهم، واستلاب إنجازاتهم كما حدث في «باس» قبل مدة و«بتلكو» في الفترة الأخيرة.

وبناء على نجاح تجربة «بتلكو» ـ التي اشرنا اليها يوم أمس ـ ونجاح القيادات البحرينية في عدد من الشركات الكبرى، فإنه يتطلب من الجهات المعنية في الدولة أن تجعل من تبوّء البحرينيين المراكز العليا في الشركات والمؤسسات، سياسة استراتيجية، وبالتحديد في الادارات التنفيذية، وأن يصبح توظيف الاجنبي استثنائيا في المراكز الفنية ولوقت محدد ومبرمج