العدد 359 - السبت 30 أغسطس 2003م الموافق 03 رجب 1424هـ

الأجهزة العراقية أفضل وسيلة لرفع الكفاءة الأمنية

رئيس مجلس الحكم الانتقالي إبراهيم الجعفري لـ «الوسط»:

أعلن رئيس مجلس الحكم الانتقالي إبراهيم الجعفري في حديث خاص إلى «الوسط» ان أفضل سبيل لرفع الكفاءة الأمنية هو اعتماد الأجهزة العراقية، مشيرا إلى ان قوات التحالف مقتنعة بضرورة «تعريق» الجهاز الامني. وأكد الجعفري ان المعايير التي ستعتمد لتشكيل الحكومة المقبلة تستند إلى مبدأ الكفاءة والأداء السياسي والنزاهة. وأوضح الجعفري ان أسماء الوزراء ستعلن قريبا، مؤكدا ان القرار يعود الى المجلس وحده ولا يُملى عليه أملاء.

وقبل ساعات على تشكيل الحكومة العراقية ومن انفجار النجف الذي أودى بحياة المرجع الإسلامي السيدمحمد باقر الحكيم، اتصلت «الوسط» بالجعفري في بغداد، وكان لها معه هذا اللقاء:

قلتم في احد مؤتمراتكم الصحافية إن قوات التحالف لم تستطيع إعادة الأمن والاستقرار الى العراق، كيف ترون البديل؟

- في مجال الأداء الأمني في كل دولة وليس في العراق فحسب، هناك فارق بين ان يعود هذا الأداء الى أجهزة أمنية غريبة عن البلد أو لأبناء البلد. ومن الطبيعي ان يكون أبناء البلد أكفأ في هذا المجال لعدة اعتبارات، طبيعة العمل الأمني وطبيعة الأشخاص الذي يتولون الأجهزة الأمنية عندما يحملون شحمة البلد نفسها، عدا ارتباطاتهم بالخلفيات العشائرية والعائلية... الخ. كل هذه العوامل تضفي عليهم قوة في الأداء، ولذلك نتصور ان أفضل سبيل لرفع الكفاءة الأمنية هو اعتماد الأجهزة العراقية وفي الوقت نفسه زيادة عدد المنخرطين في هذه الأجهزة لسد الحاجة كلها. ومقارنة مع النسبة السكانية في العراق، من المفترض ان يكون عدد العاملين في هذه الأجهزة 70 ألف شرطي، فيما لا يتعدى عددُهم الحالي 30 ألفا. علينا اذا رفع الكفاءة الأمنية وفي الوقت نفسه السيطرة على الحدود وتنمية أجهزة مكافحة الاجرام. فالجرائم التي ترتكب حاليا هي أعراض لعوامل تستنبطها. من هذه العوامل، العامل الاقتصادي وهو حافز للبعض لتعريض البلد للسرقات. أسلاك الكهرباء مثلا تتعرض للقطع ثم يُصار إلى صهرها وبيعها كأشرطة نحاسية. تردي الوضع الأمني ينبغي ان يُنْظَر إليه بطريقة تتبع الأسباب الحقيقية الكامنة وراءه بغية اقتلاع الجذور الحقيقية التي تقف وراء هذه الجرائم.

التحالف مقتنع بضرورة

«تعريق» الجهاز الأمني

هل بحثتم الموضوع مع بريمر أو ممثليه، وماذا كان رد قوات التحالف؟

- الاتصالات على قدم وساق بين الادارة المدنية وقوات التحالف ومجلس الحكم الانتقالي إذ الحوار مستمر ومفتوح على الدوام. وهم مقتنعون بضرورة «تعريق» الجهاز الأمني، أي ان محتوى الأداء والهيكلية الأمنية ينبغي ان تكون عراقية. الأجهزة الأمنية السابقة تختلف عن بقية الأجهزة الأمنية في الحقول الأخرى. وهناك نسبة غير قليلة من عناصر الأجهزة السابقة لا يمكن الاعتماد عليها حاليا. وهي تختلف مثلا عن عناصر أجهزة التخطيط أو النفط أو الزراعة... الخ. الجهاز الأمني جهاز حساس، من هنا فإن استرجاع العافية لهذه الجهاز والارتقاء به إلى مستوى الكم والنوع يتطلب جهدا ووقتا. في تقديري، العملية في طور الاطّراد والنمو. وفعلا يشهد المواطن ان هناك ثمة أداء وشخوصا امنيا في الشارع العراقي افضل من السابق نسبيا، ولكنه لايزال دون الحد الأدنى الذي نطمح إليه بكثير.

هذا على الصعيد النظري، ماذا اتخذتم من خطوات عملية على الأرض لمعالجة التدهور الأمني؟

- أُنجزت بعض الخطوات العملية، كزيادة نسبة الشرطة. وفي الوقت نفسه فإننا ننتظر الأيام القليلة المقبلة لتشكيل الحكومة؛ لأن مسألة جهاز الأمن ترتبط ارتباطا وثيقا بالتشكيلة الوزارية. مع هذه التشكيلة ستكون هناك قفزة في المجال الأمني، وسيكون هناك تكثيف على الاهتمام بهذا الجانب. فقد أثبتت الوقائع ان التخلخل الأمني يترك بصماته على كل الحقول الأخرى. كالكهرباء والخدمات العامة. لذلك يركز مجلس الحكم على الارتقاء بالجهاز الأمني ليصبح كما ينبغي له ان يكون. وأظن ان ذلك سينعكس على تشكيلة الوزارة المقبلة.

عقدتم عددا من الاجتماعات وأجريتم مشاورات لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الوزارية، ما المعطيات التي تشكلت لديكم حتى الآن؟

- الحكومة تمضي في الاتجاه الصحيح، وقطعنا أشواطا جيدة، ولا أظن انه بقي ما يمكن ان يعرقل العملية. وأتوقع ان تتم الولادة الوزارية خلال الأيام القليلة جدا المقبلة.

هل انتهيتم من المشاورات مع المرجعيات السياسية والدينية والقومية؟

- نتحاور مع الاخوة الأطراف والفُرقاء السياسيين العراقيين داخل المجلس. وهم يشكلون بتوليفتهم وخلفياتهم هذا التنوع العراقي. والحوار مستمر عبر الاجتماعات المتعاقبة لمجلس الحكم. طبعا، ربما راجع بعض الأعضاء ما يراه من المفاصل الاجتماعية والسياسية الأخرى غير المرتبطة بالمجلس. عموما الحوار مستمر في المجلس، والمجلس ليس معزولا عما يدور في الشارع العراقي.

بعض الأسماء من المرشحين؟

- كل الاخوة المعنيين بالترشيح قدَّموا منذ زمن من يؤمنون بكفاءتهم. وأظن انه من المعايير التي ستعتمد مبدأ الكفاءة والأداء السياسي والنزاهة، حتى لا يكون هناك متورطون في جرائم سابقة. وفي الوقت نفسه يراد ان تضفي هذه المجموعة على نفسها حالا من التنوع، ليس على حساب الكفاءة طبعا، لتقترب بتنوعها من الشارع العراقي. هناك اسماء كثيرة مطروحة ولم يتم الاتفاق عليها بعد بشكل نهائي، والاختلاف محصور بنسبة محدودة. وفي تقديري ستستمعون الى الاسماء التي تلتقي عليها جميع القوى السياسية في مجلس الحكم.

عضو مجلس الحكم موقف الربيعي قال إن وزارة النفط ستسند إلى الشيعة والخارجية للأكراد والداخلية للسنة، هل انتم في هذا الاتجاه؟

- هناك فرق بين ان نعتبر الوزارات والحقائب مكسبا ومقاطعات وبين ان نراعي المعايير التي يهتم بها المجلس والمتمثلة بالكفاءة وسواها من الشروط. ضمن التشكيلة الحكومية سيكون هناك الكردي والعربي والتركماني والآشوري والسني والشيعي... الخ، وهذا طبيعي نظرا لمكونات الشعب العراقي. والتعامل مع الحقائب الوزارية سيكون على أساس هذه المعايير مع الأخذ في الاعتبار التنوع العراقي. وهي ليست عملية اقتسام قطعا. وأن تضطلع بها أيٌ من هذه الشرائح لا يعني ان تكون الوزارة حكرا أو مقاطعة لها. وعندما يكون كردي أو عربي وزيرا فهذا لا يعني ان وزارته ستخلو من العاملين من بقية المذاهب أو القوميات. غاية ما في الأمر ان الوزير المكلف سيكون من خلفية قومية أو مذهبية معينة. أما الوزارة فهي وزارة العراقي وتعنى بشئون جميع العراقيين وتضم مجموعة من الخبراء والكفاءات.

تؤكدون ما قاله الربيعي عن إسناد هذه الحقائب الوزارية؟

- حتى اللحظة الحوار قائم. وربما تكون هذه الآراء طرحت فعلا. وربما سترسي عليها القناعة. كما انه من الممكن ان يحدث تبديل في الساعات الأخيرة. ما زلنا نتحاور بعقل مفتوح. والقرار يعود الى المجلس ولا شيء يُملى عليه املاء. الكلمة الأخيرة ستكون للمجلس الذي ربما يقر هذه الوزارات أو يجري عليها تعديلات. وحتى الهيئة الرئاسية التي نهضت بمهمة تقريب وجهات النظر هي جزء من مجلس الحكم وستعطي كلمتها الأخيرة في جلسة المجلس.

نحترم آراء المرجعيات الدينية

عدد من المرجعيات الشيعية رفضت الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي، هل تم الاتصال بها لتشكيل الحكومة؟

- لم ينعكس علينا ان المرجعيات الشيعية تعاملت بشكل سلبي. نعم كانت هناك توجهات مشروعة وتوصيات ومطالب بأن تكون التشكيلة الوزارية معبّرة عن العراق ومصالحه ومراعية لخصوصيات الشعب العراقي. ومجلس الحكم يتوقف عند توصيات مراجع المسلمين ويكنّ لها التقدير والاحترام، ويعتبر ان مطالبهم مشروعة وتعبر عن وجدان الشعب العراقي. كما انها مطالب مشروعة من المنظور الإنساني. وحتى المجتمعات الأخرى التي لا تلتقي مع قيمنا نؤكد احترام شعوبها، فمن الطبيعي ان نسعى من أجل تحقيق هذه الرغبات وتطبيق هذه الآراء.

أعلنتم أنه لن تكون وزارة إعلام بل مجلس إعلامي لماذا؟

- الإعلام والأداء الإعلامي لن يكونا ممنوعين في مجلس الحكم سواء كان في طريقة التعاون مع هذا الحقل الإعلامي أو ذاك. ولكن في المرحلة الراهنة فإن المُناخات والأجواء غير مهيئة. كما ان وزارة الدفاع هي الأخرى غير موجودة. ولكن هذا لا يعني عدم التعامل مع المفردات العسكرية كتشكيل جيش بقوام معين وبظروف معينة. ولكن أجواء الحرب واستحقاقات الحرب التي جرَّت ويلاتها وآثارها على العراق جعلت هذه المُناخات غير مهيئة الآن وسط الظروف الاستثنائية التي نعيشها. ولكننا نطمح إلى تهيئة المناخ المناسب لهذه الولادة في أقرب وقت ممكن.

المرأة العراقية أثبتت جدارتها

وماذا عن حقوق المرأة ودورها في التشكيلة الحكومية المقبلة؟

- المرأة العراقية تحظى بمكانة خاصة في العراق حتى قبل ولادة مجلس الحكم. وهي أثبتت جدارتها وقدرتها على خوض المعركة السياسية والاختصاصات، واقتحمت جميع الأوساط إذ كان أداؤها جيدا سياسيا وفنيا في جميع المؤسسات. ومن الطبيعي ان تشق طريقها لأي اتفاق وزاري. والمرأة كانت ومازالت موجودة في مجلس الحكم الذي يضم ثلاث سيدات. ومن المرجح ان تكون ضمن التشكيلة الوزارية المقبلة شأنها شأن الرجل.

هل ستكون هناك وزارة لشئون المرأة؟

- طرحت مثل هذه الوزارة، فوجود وزارة جديدة بهذه التسمية مهم نظرا للظروف الاستثنائية التي أحاطت بالمرأة وظهور العوانس والأرامل بعد الحرب والقتل والإعدام... الخ ما يستدعي تشكيل وزارة لرعاية شئون المرأة لما أصابها من حَيْف. إلا ان الظروف الحالية باعتبارها مرحلة انتقالية ربما تؤخر هذه العملية. فإن لم تكن بمستوى الوزارة فلا أقل ان تكون هناك مؤسسات ترعى المرأة وتأخذ بيدها للنهوض من الحال التي هي فيها إلى الحال التي ينبغي ان تكون عليها.

أعربت عن ارتياحك لنتائج جولة الوفد في الدول العربية، وقلت إن عددا من الدول العربية أبدى استعداده لتمثيل المجلس في اجتماع الجامعة العربية المقبل، هل تلقيت ردا من الجامعة؟

- لم يكن بيننا وبين جامعة الدول العربية طلب تحرير أو انتظار رد إنما مساعٍ لمحاولة ايجاد أرضية مناسبة لهذه المشاركة. وأجرينا حوارا مباشرا مع الأمين العام للجامعة عمرو موسى ووعد بأن ينقل هذه الرغبة ولاسيما انه لم يُتخذ قرار باقصاء العراق عن مقعده الطبيعي. لذلك فمن الطبيعي ان يشارك في اجتماعات الجامعة العربية وخصوصا إذا شكلت وزارة اذ ينعدم والحال هذه كل مبرر لتغييب العراق عن هذه الاجتماعات.

يقول بعض المراقبين إن الحكومات العربية إنما استقبلت وفد المجلس تحت ضغوط أميركية، ماذا تردون على هذا؟

- هذا كلام غير صحيح على الاطلاق. القرار بإرسال الوفد قرار عراقي مَحض. وكان مقررا في البداية زيارة ثلاث دول، ولكن أثناء تنفيذ الوفد لمهمته استجدت لديه قناعة بأن تمتد الزيارات إلى دول اخرى، بعد ان تلقى دعوات رسمية لزيارة هذه الدول بعيدا كل البعد عن القرار الاميركي.

يرفض الكثير من المعارضين - من عرب وعراقيين وخصوصا المراجع الشيعية - الاعتراف بشرعية المجلس، ويتهمونه بعدم استقلالية القرار وبالتبعية لقوات التحالف... بِمَ تردون على هذا؟

- قرار المجلس الذي شكل انعطافا في مسار العلاقات هو قرار عراقي مَحض، وكذلك الحكومة التي ستشكَّل والعملية الدستورية التي بدأها. انها أمور مستقلة استقلالا كاملا عن أي قرار أميركي.

يُتَهم المجلس بأنه يؤسس لعراق طائفي لا لعراق ديمقراطي كما وعدت القوات الاميركية، ما ردكم على هذا الاتهام؟

- الديمقراطية ليست إلغاء للتنوع وانما احترام واحتضان التنوع واعطاؤه الحجم الذي يناسب حجمه في الواقع. لو كانت القضية طائفية لَكرّست اتجاها آخر. المقاربة الموجودة حاليا في مجلس الحكم هي مقاربة للواقع العراقي ومحاولة تجسيد هذه الارادات. وتوجد مناخات للتعامل والتعايش ما بين مختلف القوميات والمذاهب والأعراق بالشكل الذي يخدم العراق والعراقيين

العدد 359 - السبت 30 أغسطس 2003م الموافق 03 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً