كشفت نتائج التحقيقات الأولية التي تجريها قوات الأمن العراقية في انفجار النجف الذي أوقع 126 قتيلا بينهم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق آية الله محمد باقر الحكيم أن أربعة معتقلين عرب بينهم عراقيان من البصرة تابعان للنظام السابق اعترفوا بارتكابهم المجزرة.
وقال محافظ النجف حيدر مهدي لـ «الوسط» إن حجم المتفجرات التي وضعت في السيارة المفخخة بلغت 700 كيلوغرام ومجموع المعتقلين الذين يشتبه في صلتهم بانفجار النجف بلغ 19 شخصا بينهم عربيان من الأصوليين وعراقيان.
وفي محاولة لتبرئة نفسها، زعمت قوات التحالف أمس أنها قدم منذ أيام المال والمئات من قطع السلاح لتشكيل قوة خاصة لحماية الأماكن المقدسة في النجف.
وسادت مشاعر الغضب والحنق الشعبي أبناء الطائفتين الشيعية والسنية على حد سواء، وخرجت تظاهرات نددت بالمجزرة، ووصل آلاف العراقيين إلى النجف للمشاركة في تشييع ضحايا الهجوم.
وفي غضون ذلك، أعلن عضو مجلس الحكم السيدمحمد بحر العلوم تعليق عضويته في المجلس احتجاجا على الاعتداء، في حين بدأ الجناح العسكري للمجلس الإسلامي الأعلى «فيلق بدر» في العودة مجددا إلى حمل السلاح وارتداء الزي العسكري متوجهين إلى النجف لتشييع جثمان الحكيم.
وتحدث شهود عيان في النجف عن محاولة اعتداء استهدفت مكتب مقتدى الصدر قام بها مجهولون.
وفي سياق ردود الفعل، أسف المرشد الأعلى في إيران آية الله علي الخامنئي على «الجريمة البشعة» التي استهدفت الحكيم، واصفا إياه بأنه يمثل «حصنا حصينا أمام أعداء الأمة» و«المحتلين في العراق».
ونعى ولي عهد الأردن السابق الأمير الحسن بن طلال، الحكيم، وقال في بيان حصلت عليه «الوسط»: «تلقينا نبأ استشهاد حفيد سيد شهداء أهل الجنة، ابن عمي العلامة آية الله السيدمحمد باقر الحكيم (إشارة إلى اشتراكهما في النسب) وثلة من إخوتنا العراقيين المؤمنين على أيدي طغمة ظالمة وحاقدة آثرت القتل والدمار على التسامح وإعلاء الحق».
وميدانيا، أصيب سبعة أميركيين في انفجار لغم تعرضت له دبابة أميركية عند الحدود السورية في منطقة القائم.
، بغداد، عمّان، عواصم - عصام العامري، حسين دعسة، وكالات
عقب المجزرة الدامية التي أوقعت 126 قتيلا حسب «سي ان ان» و87 بحسب مصدر طبي عراقي، بينهم المرجع الديني آية الله محمد باقر الحكيم في انفجار سيارة ملغومة عند مرقد الإمام علي (ع) في النجف، أعلنت أمس عائلة الحكيم ان جثة الشهيد سيتم دفنها بعد غد الثلثاء بعد نقل رفاته اليوم إلى بغداد وغدا (الاثنين) إلى كربلاء والحلة.
وتوافدت جموع كبيرة من العراقيين نحو النجف للمشاركة في تشييع الجثمان وهي ممزوجة بمشاعر الحنق والغضب جراء تلك المجزرة مع دعوات إلى الانتقام، بينما استنكرت جميع الأقطاب الشيعية والسنية الانفجار وخرجت تظاهرات غاضبة في أنحاء بغداد والبصرة تندد بحادث الاغتيال.
وقال المصدر المسئول في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق محمد الحريري في حديث إلى «الوسط» انه تم إفشال مخطط آخر لاغتيال شخصيات عراقية بواسطة سيارة مفخخة تمكن أمس متخصصون من تفكيكها في النجف. وتأتي هذه المعلومات في حين اعتقلت الشرطة سعوديين وعراقيين ينتمون إلى القاعدة اعترفوا بتدبير تفجير النجف.
من جانبه قال محافظ النجف حيدر مهدي مطر إن 83 شخصا قتلوا وأصيب 125 بجروح في الاعتداء، مضيفا أنه تم التعرف إلى 31 جثة إضافة إلى جثث الحكيم وحراسه. وأضاف ان 700 كلغ من المتفجرات كانت موضوعة في السيارتين اللتين استخدمتا في الاعتداء، والمعتقلون الأربعة هم عربيان ينتميان إلى الخط الأصولي، في إشارة إلى احتمال انتمائهما إلى فكر «القاعدة»، وعراقيان من البصرة من أنصار النظام السابق و«لقد اعترفوا بأنهم نفذوا التفجير». وأفادت قناة «الجزيرة» بأن 19 شخصا اعتقلوا للاشتباه في صلتهم بالانفجار. فيما قالت مصادر أميركية إن عددهم ثلاثة. كما أعلن عمار عبدالعزيز الحكيم ابن شقيق الراحل ان دفن عمه سيتم الثلثاء في النجف بعد نقل رفاته الأحد إلى بغداد والاثنين إلى كربلاء والحلة، ولم يعثر سوى على أشلاء من جثة الحكيم. واتفق العراقيون جميعا، على اختلاف انتماءاتهم الدينية، على إدانة المذبحة بمن فيهم السنة بل ومناوئو الحكيم من الشيعة بزعامة مقتدى الصدر الذين ساروا في مظاهرة في بغداد منددين بالانفجار. وبدأت «النجف» تشيع قتلاها وسط شعور بالصدمة والحزن والغضب وخصوصا بين أنصار الحكيم. و ذكرت شبكة «سي ان ان» أن عدد ضحايا الانفجار وصل إلى 120 قتيلا. و ادان مسئولون عراقيون الاعتداء، وقال العضو في مجلس الحكم أحمد جلبي «ان أصوليين وأعضاء في تنظيم القاعدة يعملون يدا بيد مع ما تبقى من نظام صدام «لإثارة الفوضى في العراق». واتهم عضو آخر هو نصير الجدرجي، إرهابيين أجانب وبعثيين وقال «برأيي إن هذا العمل الإرهابي ارتكبه عناصر حقيرون أتوا من خارج العراق». وانطلق العراقيون في مسيرات غاضبة في مدن النجف وبغداد والكوت تعبيرا عن استنكارهم لهذا الحادث، وحملوا قوات الاحتلال الأميركي مسئولية انعدام الأمن في العراق. كما نظمت تظاهرة في موقع الاعتداء الذي حدث في النجف وفي البصرة «للدعوة إلى الانتقام» اثر مقتل الحكيم. وحمل المتظاهرون لافتة كتب عليها «شعب العراق يعد بمعاقبة المجرمين وكل الذين يريدون الهجوم على المرجعية والحوزة والنجف الاشرف». في وقت أعلنت الإدارة الكردية في منطقة كردستان الحداد ثلاثة أيام اثر مقتل الحكيم، واستنكر الاتحاد الإسلامي الكردستاني عملية الاغتيال ووصفها بالعمل «الإرهابي والإجرامي».
من جانبه نفى قائد مخيم رفحا السعودي للاجئين العراقيين العميد خالد الوصيفر أن يكون من بين العائدين إلى العراق أي «مندسين» عرب. كما أشار ممثل المجلس الأعلى في لندن حامد البياتي بأصابع الاتهام إلى الموالين لصدام لكنه ألقى باللوم على قوات الاحتلال الاميركي لعدم تقديم حماية أكبر لرجال الدين الشيعة والأضرحة المقدسة. وأكدت مصادر أميركية في العراق أن سلطات الاحتلال لن تشارك في التحقيقات التي ستجرى لكشف النقاب عن تفاصيل عملية اغتيال الحكيم.
بغداد - أ ش أ
أفاد شهود عيان عراقيون أنهم رأوا مئات العناصر من أعضاء «فيلق بدر» الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق يتوجهون في شاحنات صوب مدينة النجف الأشرف التي اغتيل فيها قائدهم آية الله السيدمحمد باقر الحكيم. وقال الشهود إن مئات الأشخاص من أعضاء الفيلق شوهدوا وقد ارتدوا ملابسهم العسكرية وحملوا بنادق وصواريخ «آر بي جي» وتجمعوا من مناطق متفرقة في بغداد واتجهوا إلى النجف، وأن الغضب كان باديا على وجوه هؤلاء الذين توعدوا بالانتقام والثأر لدم الحكيم.
ويبدي العراقيون تخوفا شديدا من أن يؤدي مقتل الحكيم إلى اندلاع حرب أهلية في العراق وخصوصا في ظل اتهام البعض للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بالوقوف خلف المجزرة. يذكر أن فيلق بدر وافق على تسليم أسلحته للقوات الأميركية عقب عودة الحكيم إلى العراق في العاشر من مايو/أيار الماضي غير أن سوق السلاح العراقي يزخر بكل أنواع الأسلحة وهو ما يسهل إعادة تسليح الفيلق من جديد.
عواصم - وكالات
أسفر الهجوم الإرهابي بالنجف ومقتل أكثر من ثمانين شخصا بينهم آية الله السيدمحمد باقر الحكيم عن موجة عنيفة من الشجب والاستنكار العربي والإقليمي والدولي. ووجه قائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي برقية تعزية بمناسبة استشهاد رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الحكيم وجمع من المصلين في مدينة النجف الاشرف.
وجاء في الرسالة انه لاشك بان الايادى الآثمة لعمل الاستكبار هي التي دبرت لهذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها شخصية حكيمة كانت تشل حصنا حصينا أمام أعداء الأمة الإسلامية.
وأدان الرئيس الإيراني محمد خاتمي جريمة الاغتيال ووصفها بأنها «عملية إرهابية قبيحة». كما اعتبر رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام علي اكبر هاشمي رفسنجاني، اغتيال الحكيم، دليلا على ذروة القساوة ومدى الحقد الدفين لدى الأعداء إزاء علماء الدين والحوزات العلمية. وأكد أن هذه الجريمة البشعة أثبتت أن المحتلين عاجزون عن توفير الحد الأدنى من الأمن. كما أكد أحد مراجع الدين في مدينه قم آية الله حسين نورى همداني أن احتلال العراق من قبل أقطاب الاستكبار العالمي «أميركا وبريطانيا» لم يترك سوى المجازر والدمار.
في وقت ندد تجمع علماء المسلمين الشيعة في الكويت بشدة بحادث الاغتيال، معتبرا انه وغيره من تلك الحوادث يشكل إهانه كبرى لشيعة العالم وخيانة عظمى للإسلام والمسلمين. وفي السياق ذاته استنكر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حادث اغتيال الحكيم، كما دان رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، معتبرا الهدف من وراء هذه الجريمة إيقاع الفتن بين المسلمين.
كما استنكر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سليم الحص جريمة اغتيال الحكيم ووصفها بأنها كانت مفجعة للعراقيين وللعرب جميعا. وندد المتحدث باسم تجمع العلماء المسلمين في لبنان قاضي شرع صيدا لأهل السنة الشيخ احمد الزين باغتيال المرجع آية الله الحكيم.
كما قال رئيس المحاكم الشرعية الدرزية الشيخ مرسل نصر «لقد كانت فاجعة كبيرة باستشهاد العالم الجليل السيد باقر الحكيم، ونحن نحمِّل كامل المسئولية قوات الاحتلال الأميركي التي تتعاون بشكل كامل مع جهاز الموساد الصهيوني.
كما دانت الجامعة العربية الانفجار في النجف ودعت الشعب العراقي إلى «رص صفوفه في وجه محاولات غرس بذور الفتنة». وفي بيان له أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن «استيائه من عملية التفجير الإرهابية».
في وقت دان الرئيس الأميركي جورج بوش اعتداء النجف. وقال بوش أدين بشدة الاعتداء، وإنه طلب من المسئولين الاميركيين في العراق «ان يعملوا عن كثب» مع المسئولين عن الأمن في العراق ومع مجلس الحكم الانتقالي «للعثور على الذين نفذوا هذا الهجوم المروع وإحالتهم إلى العدالة».
ومن جهته ندد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد باعتداء النجف. كما أدان وزير الخارجية الأميركي كولن باول بقوة هجوم النجف الأشرف، قائلا إنه لا توجد أية قضية سياسية تبرر العنف.
النجف - أ ف ب
أعلن محمد بحر العلوم أمس في النجف تعليق عضويته في مجلس الحكم العراقي احتجاجا على اعتداء النجف.
وقال بحر العلوم في بيان أصدره في النجف الاشرف «إن الحادث المروع (...) بعد ظهر يوم الجمعة (...) استهدف انتهاك حرمة وقداسة مرقد الإمام علي عليه السلام والمرجعية الدينية العريقة في النجف وأدى إلى اغتيال أحد ابرز علمائها (...) وما هو إلا تجسيد للمواقف الإرهابية المعادية والخطيرة التي استهانت بإحدى ابرز جامعات العالم الإسلامي وهي جامعة النجف الاشرف».
وبعد أن أشار إلى «الانفلات الأمني الخطير في العراق عامة وفي هذه المدينة المقدسة وذلك (...) رغم مطالبتنا المستمرة لقوى التحالف بحماية هذه المدينة المقدسة من الاعتداء إلا أننا لم نجد منهم آذانا صاغية وتجاوبا جديا». وتابع «إن هذه اللامبالاة تدفعنا إلى تعليق عضويتنا في مجلس الحكم الذي لم يستطع تحمل مسئوليته في دفع قوى التحالف لحماية أبناء شعبنا وعتباتنا المقدسة ومرجعيتنا الدينية وشخصياتنا المجاهدة»
العدد 359 - السبت 30 أغسطس 2003م الموافق 03 رجب 1424هـ