العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ

التخلص من عباس وقتل عرفات... على أيدي الفلسطينيين!

تعليقات الصحف العبرية على المشكلات الفلسطينية

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

بينما ازداد التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة عقب سقوط الهدنة تحت الضربات الإسرائيلية للناشطين الفلسطينيين، توعدت «إسرائيل» بتصعيد العدوان على الفلسطينيين وخصوصا عمليات الاغتيال والتصفية بحق قادة ونشطاء المقاومة الفلسطينية التي كان آخرها الاعتداء على مدينة غزة إذ سقط 4 شهداء من كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» شُيعوا في جنازتين تحولتا إلى مسيرات وطنية عاهدت فيها «حماس» على الثأر للشهداء واستهداف قادة الاحتلال وجنوده، في وقت ذهب مسئول إسرائيلي إلى حد المطالبة بطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء محمود عباس وتفكيك السلطة الوطنية الفلسطينية.

وهذا الأخير، كان محط تعليقات المحللين الإسرائيليين، إذ لم ينجح في شن حرب على ما يسمونه «الارهاب» الفلسطيني، أو بمعنى آخر، لم تنجح المحاولات الإسرائيلية لإشعال حرب أهلية بين الفلسطينيين، وتحويل الصراع إلى اقتتال فلسطيني - فلسطيني.

وأكدت معلومات الصحف العبرية استنادا إلى مصدر قريب من وزارة الدفاع الإسرائيلية ان اجتماعا للمسئولين الإسرائيليين العسكريين الكبار قرر مساء الأحد مواصلة الاغتيالات أو حتى تكثيفها إذا لزم الأمر وشن عمليات عسكرية أخرى ضد الناشطين الفلسطينيين. فيما كشف المحلل العسكري زئيف شيف في «هآرتس»، ان الجانب الإسرائيلي لن يشارك في أية محادثات بشأن وقف إطلاق النار ما لم يبد الفلسطينيون رغبة جدية في تفكيك البنى التحتية لـ «الإرهاب». وعلى رغم الخلاف داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، يقول شيف «ان ثمة إجماعا في المؤسسة الأمنية على مسألة القيام بعمليات ضد الفصائل الفلسطينية».

زئيف شيف، الذي لاحظ ان وزير الدولة الفلسطيني لشئون الأمن محمد دحلان لا يشن حربا حقيقية على «الإرهاب»، فالمنظمات الفلسطينية لا تشعر بأي تهديد من جانب قوات الأمن الوقائي الفلسطينية، أكد ان الجانب الإسرائيلي لن يشارك في أية محادثات بشأن وقف إطلاق النار ما لم يبد الفلسطينيون رغبة جدية في تفكيك البنى التحتية لـ «الإرهاب». وكشف أيضا في السياق، ان وقف إطلاق النار الشامل الذي اقترحه الوزير الفلسطيني نبيل شعث سيتم رفضه من الجانب الإسرائيلي. وأشار شيف في بداية مقاله، إلى وجود اختلاف في الآراء داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية التي يتخذها دحلان لمكافحة ما يسميه الإسرائيليون «الإرهاب» الفلسطيني، وذلك بعد اغتيال أحد قياديي حركة حماس البارزين الشهيد إسماعيل أبوشنب.

وأوضح شيف ان بعض المسئولين في الجيش الإسرائيلي - على سبيل المثال - يعتبر ان الإجراءات التي اتخذها دحلان، من اعتقال تجار أسلحة وتسيير دوريات في بيت لحم وإقفال بعض الأنفاق التي تستعمل لتهريب الأسلحة، لا تهدف إلى تفكيك البنى التحتية لـ «الإرهاب» لأنها لم تتضمن الاستيلاء على معامل الأسلحة التي يتم فيها إنتاج صواريخ قسام، كما انها لم تتضمن اعتقالات واسعة لناشطين «إرهابيين».

وعرض شيف رأيا آخر في جهاز الأمن الإسرائيلي «شين بت» يقول إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها دحلان لديها أهداف تتعلق بالعلاقات العامة، موضحا ان أصحاب هذا الرأي يقولون ان الإجراءات المذكورة لها تأثير هامشي على الوضع الأمني وبعضها كان قد اتخذ سابقا، كما ان هؤلاء يقولون ان دحلان لا يشن حربا حقيقية على «الإرهاب»، فالمنظمات الفلسطينية كحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لا تشعران بأي تهديد من جانب قوات الأمن الوقائي الفلسطينية. إلا ان شيف، أشار إلى انه على رغم بعض الاختلافات في وجهات النظر داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ثمة إجماع على نقطة واحدة، ألا وهي عدم العودة إلى نمط وقف إطلاق النار الذي كان سائدا من قبل، ليس فقط وقف إطلاق النار الأخير بل كل ما سبقه.

وأضاف شيف، ان الرأي الجامع هذا يقول إن الإسرائيليين ارتكبوا الخطأ نفسه عند الاتفاق على وقف إطلاق النار مع الفلسطينيين، حين سمحوا لهؤلاء، وعلى رأسهم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، بخداع الإسرائيليين ومختلف الأطراف التي توسطت للتوصل إلى الاتفاق. مستنتجا ان وقف إطلاق النار الشامل الذي اقترحه وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث سيتم رفضه من الجانب الإسرائيلي لأن هذا الأخير لن يشارك في أية محادثات بشأن وقف إطلاق النار ما لم يبد الفلسطينيون رغبة جدية بتفكيك البنى التحتية لـ «الإرهاب».

وأوضح شيف ان أصحاب هذا الرأي يقولون انه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فإن «إسرائيل» ستقوم بنفسها بتصفية «الأهداف» الأبرز في المنظمات الفلسطينية، أي أولئك الذين يديرون دفة «الإرهاب» كما يحلو لهم في «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«عصابات فتح، كما أسماها شيف ويسميها عادة. وإضافة إلى الحديث عن «التصفية» لفت شيف إلى ان ثمة إجماعا في المؤسسة الأمنية على مسألة القيام بعمليات ضد الفصائل الفلسطينية مع أقل ضرر ممكن على المدنيين.

في السياق الإسرائيلي، دائما، أرخ يوئيل ماركوس في «هآرتس» لجملة من المحاولات الإسرائيلية لقتل الزعيم الفلسطيني عرفات، بدءا من زمن تعيين شارون وزيرا للدفاع في العام 1982، حين تفاجأ بأن رئيس هيئة الأركان آنذاك لم تكن لديه أية خطة للتخلص من عرفات، لذلك قرر التخطيط لعملية سُميت عملية «السمكة الضخمة» تهدف إلى التخلص من الزعيم الفلسطيني. وتابع ماركوس القول ان الزعيم الفلسطيني أصبح منذ فشل تلك العملية، القائد الفلسطيني «الناجي» بامتياز الذي يأتي مباشرة بعد الزعيم الكوبي فيديل كاسترو على لائحة القادة «الناجين» في العالم بحسب تصنيف ماركوس نفسه.

وأضاف ماركوس ان عرفات نجا من الموت عدة مرات أولا في بيروت، عندما كان في مرمى قناص إسرائيلي عندما «طردت» منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس، إلا ان «إسرائيل» وافقت على الطلب الأميركي بالسماح لعرفات بالإبحار من مرفأ بيروت على قيد الحياة.

وذكر ماركوس أيضا ان عرفات نجا من الموت العام 1992 حين سقطت طائرته فوق الصحراء الغربية الكبرى إلى أن وقع اتفاق أوسلو بعد ذلك وفاز على إثره بجائزة نوبل للسلام. وتابع ماركوس القول ان شارون أعلن بعد توقيع اتفاق أوسلو انه طالما بقي عرفات على قيد الحياة فلن يكون من مجال لإحلال السلام، وما إن أصبح شارون رئيسا للوزراء حتى قام بحملة ضد الزعيم الفلسطيني وحاصره في المقاطعة.

وأضاف ماركوس انه مع ارتفاع وتيرة العنف بدأ الحديث عن مصير عرفات يُناقش في الجلسات السرية للمسئولين الإسرائيليين لأنهم كانوا يعتبرون عرفات العائق الأساسي أمام التوصل إلى أي اتفاق مع الفلسطينيين، إلا ان عرفات استمر بعد ذلك في حثّ شعبه - على حد قول ماركوس - على العنف والعداء للإسرائيليين وعلى تفويت فرصة السلام المتمثلة بـ «خريطة الطريق».

من هنا - برأي ماركوس - جاءت السياسة الأميركية لعزل الرئيس الفلسطيني وعدم الاعتراف به شريكا في عملية السلام، إلا ان حياته لاتزال - كما عند «طرده» من لبنان - في حماية الأميركيين. ويلاحظ ماركوس انه على رغم من ذلك استمر الحديث في «إسرائيل» عن ضرورة التخلص منه بطريقة أو بأخرى وخصوصا ان بقاءه محاصرا في المقاطعة لم يمنعه من العمل على الحث على العنف من جديد لتحقيق مآرب شخصية تتمثل خصوصا في عدم إعطاء أية فرصة لرئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس، الذي لم يستطع إثبات نفسه وتحقيق ولو «ذرة» من الثقة في أوساط شعبه. من هذا المنطلق اعتبر ماركوس ان الوقت حان كي يختفي عرفات عن الأنظار لأنه - بحسب ماركوس - لم يقم سوى بمعارضة مصالح شعبه وبمشاهدة مصيرهم يذهب مع الريح. لكنه استدرك، في محاولة لتنظيف الأيدي الإسرائيلية من الدم الفلسطيني، بالقول ان التخلص من عرفات يجب أن يحصل على يد الفلسطينيين وليس الإسرائيليين!

ومع ملاحظة نجاح حكومة ارييل شارون في إقناع الإدارة الأميركية برفع شعار تفكيك المنظمات الفلسطينية التي تسميها «إرهابية» قبل الانتقال إلى أية خطوة جديدة في «خريطة الطريق»، الأمر الذي يدعم توجه شارون، بدأ اللوبي الأميركي المؤيد لـ «إسرائيل» في الولايات المتحدة حملة جديدة لدعم احتمالات حدوث تدخل عسكري أميركي ضد المقاومة الفلسطينية بزعم القضاء على «الإرهاب» وإعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط.

لكن هذا المطلب قد يؤخذ على محمل آخر يهدف إلى إنقاذ الفرصة التي يعتبرون انها متاحة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وخصوصا ان الفلسطينيين طالما أعربوا عن الرغبة في الحصول على قوة مراقبين من الأمم المتحدة أو من الولايات المتحدة. في أية حال، طالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السناتور الجمهوري ريتشارد لوغار بإرسال قوات أميركية وقوات من حلف شمال الأطلسي لمطاردة من أسماهم بـ «الإرهابيين». وقال انه إذا كان الأميركيون جادين في تحقيق الاستقرار فإن التدخل المباشر ضروري. وأضاف انه يجب على الإدارة الأميركية أن تفهم ما الجهة التي ستتولى مطاردة «الإرهابيين»، كما يجب الحفاظ على إمكان التدخل العسكري. وشاركت الديمقراطية ديان فابنستيان السناتور لوغار وجهات نظره، وقالت انه من الضروري وجود كيان عسكري قادر على كبح جماح «الإرهاب» وإلا سنصل إلى طريق مسدود. وأشارت إلى ان الفلسطينيين أعربوا عن رغبتهم في الحصول على مراقبين دوليين، مؤكدة أن المراقبة وحدها لا تكفي، بل ان الأمر يتطلب وجود كيان عسكري للسيطرة على الأوضاع المتوترة.

وأكدت ديان ان التدخل العسكري في الشرق الأوسط أمر ضروري. من جهة أخرى، حضت مستشارة الرئيس الأميركي لشئون الأمن القومي كوندليزا رايس «إسرائيل» على الوفاء بمسئولياتها، غير انها شددت على ضرورة أن تقوم السلطة الفلسطينية بتفكيك البنية الأساسية لما تعتبره منظمات إرهابية، في إشارة إلى جماعات المقاومة الفلسطينية.

ورأت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها ان ثمة عائقا أساسيّا يقف في وجه التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتمثل بـ «الإرهاب» الذي يمارسه «المتشددون» الفلسطينيون، وبفشل السلطة الفلسطينية في التعامل مع هذه «الظاهرة». وأوضحت الصحيفة الأميركية ان عملية السلام لا يمكن أن تنجح في وقت يستمر فيه «الانتحاريون» بتفجير أنفسهم في قلب القدس أو في تل أبيب، مضيفة ان رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس هو المسئول عن عدم وقف العمليات «الإرهابية» لأنه لم ينفذ شيئا مما وعد به حيال تفكيك البنى التحتية لـ «الإرهاب».

وأوضحت «واشنطن بوست» ان عباس أظهر التزاما بوضع حد لـ «الإرهاب»، إلا ان طريقته في فعل ذلك لم تنجح فهو أراد وضع حد للمنظمات الفلسطينية من خلال جعلها تلتزم بوقف إطلاق النار الذي لم يوفر لها سوى الهدوء اللازم لإعادة رص صفوفها ولخلق مناخ مؤاتٍ لانتزاع تنازلات من الإسرائيليين وخصوصا فيما يتعلق بإطلاق سراح المعتقلين إذ ذكّرت الصحيفة الأميركية بأن هذه المسألة لا تنص عليها «خريطة الطريق». وتساءلت «واشنطن بوست» في هذا السياق كيف يمكن أن يعتقد أحد بأن المنظمات الفلسطينية قد تلتزم بأية مسألة لها علاقة بإحلال السلام بينما لا تشعر بأية رحمة عندما تقتل طفلا إسرائيليّا بريئا، مؤكدة ان الحديث عن السلام في ظل وجود المنظمات الفلسطينية حديث غير واقعي.

وختمت بالقول ان الإدارة الأميركية بوسعها أن تعيد الأمور إلى الطريق القويم وذلك من خلال تعبئة العرب والأوروبيين للضغط على الفلسطينيين، كما ان على الإدارة أن تضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون لوقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، إلا أنها كررت ان التوصل إلى نتائج ملموسة لا يحصل إلا في حال فككت البنى التحتية لـ «الإرهاب الفلسطيني»

العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً