العدد 356 - الأربعاء 27 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ

جاسم الحربان يحاضر عن طقوس الزار في الملتقى الأهلي

تمهيدا لصدور كتاب عن الموضوع

المصلى - عبدالله العباسي 

تحديث: 12 مايو 2017

هذا الفنان كلما التقيته في محاضرة جديدة أضاف لبنة جديدة إلى ما في نفسي من لبنات الثقة فيه، وكشف طاقات إبداعية جديدة، إذ أرى فيه الفنان الجاد الذي يحمل هم الاهتمام بالتراث الفني والثقافي؛ فقد أهدى المكتبات مجموعة من الكتب القيمة المرتبطة بالفنون والتقاليد والتراث البحريني والخليجي، وآخر هذه الكتب التي على وشك الصدور هو كتاب (الزار).

و«مجالس الزار» كانت موضوع المحاضرة التي ألقاها جاسم الحربان في الملتقى الأهلي الثقافي، وعلى مدى أكثر من ساعتين قدم محاضرة قيمة بدأ بها قائلا: «في الأزمنة القديمة كان الرجل البدائي يدخل حلبة الرقص بالصراخ والرقص على دقات الطبول ليصل إلى قمة التهيج العصبي حتى يصبح أكثر تقبلا واستسلاما لتعاليم رئيس القبيلة أو الكاهن، (وهو ما نراه اليوم في حلبات الزار في مجتمعاتنا)»، ويضيف قائلا: «إن الزار ظاهرة اجتماعية ثقافية ترتبط بالفكر الخرافي وبالسحر والجن».

لقد كشف منذ بدايات المحاضرة أنه تربى منذ بدايات سنيّ نضجه الفني ملتصقا بهذه الدُّور وهو شديد الاهتمام بمثل هذه الفنون من التراث مع عدم إيمانه بصدقية العلاج من خلال هذه الطقوس، ولكنه أكد رفضه لمحاصرته لسبب واحد هو أنه شكل من أشكال الطقوس غير الضارة التي تضفي شيئا من الراحة النفسية لرواده من منطلق أن له ارتباطا وثيقا بكثير من فنون الطرب الخليجي كفن السامري والفجري والطنبورة وغيرها. موضحا أن الهالة التي تصاحب هذه الطقوس من دخان وبخور وطبول تجعل المشاهد لهذه الحلقات يشعر بشيء من رهبة المعايشة. وكشف بالتفصيل أشكال الزار وكيفية الطقوس المختلفة له، وأكد أنه من الطقوس التي جاءت من الحبشة.

ورافقت محاضرته الأشكال العملية التي تصاحب هذه الطقوس من خلال فرقته إذ استشهد بمجموعة من الأغاني التي تصاحب هذه المشاهد.

وأكد أن هذه الدور التي قد يعتبرها البعض خروجا على السقف الديني لعبت دورا في مجال مناهضة الاستعمار البريطاني ما دعا الإنجليز في العشرينات من القرن الماضي إلى هدم مجموعة من الدور المعروفة في البحرين.

وقد أجاب على مجموعة من الأسئلة التي قد تتبادر إلى ذهن القارئ أو المشاهد ما جعل هذه المحاضرة تأتي متكاملة تفي بكل فضول الراغب في التعرف على طقوس (الزار)، ومن بينها:

- ما مدى تأثير الاعتقاد في الزار وبمشاعره على اندفاعية الممارِس للزار؟

- ما مدى التأثير الذي تمارسه الانطباعات الحسية على الممارِسات والممارِسين حتى الإعياء؟

- ما مدى تأثير الجمهور من المشاهدين على تحفز الممارِسين للرقص حتى الإعياء؟

- ما علاقة ذلك بالجسد، وهل هناك علاقة بين الزار والتطهير؟ وهل الزار غسيل للمخ إلى درجة أن يصبح ملهبا للعقل؟

- ماذا نستفيد نحن اليوم من الزار وطقوسه؟

- لماذا ترتبط الصدمات النفسية والمواقف الشديدة المرعبة بالزار؟

- ما المغريات التي تجعل من الزار ظاهرة مستمرة حتى وقتنا الحاضر؟

- لماذا تلجأ شريحة كبيرة من العامة والمثقفة إلى مشايخ الزار في وقتنا الحاضر؟

- لماذا تم ربط هذه الظاهرة بالدين؟

- هل نبدأ علميا نحن أبناء اليوم بكشف خفايا الزار وطقوسه؟

- لماذا لا نحافظ على الآلات الموسيقية في فنون الزار بتهذيبها للاستخدامات التي تعود على المجتمع بالنفع؟

هذه مجموعة من الأسئلة التي أجاب عليها خلال المحاضرة بالتفصيل، ويمكننا قراءة الإجابة عليها بتفصيل موسع في الكتاب الذي سيظهر قريبا في المكتبات.

إن الزار كما ذكر جاء في مرحلةٍ ما لملء فراغ موجود في مجال الطب، وقد تقلص كثيرا في المرحلة الأخيرة إلا أنه سيظل مستمرا ولن يتلاشى.

وكشف أن وزارة الاعلام اشترت اخيرا دارا للفنون الشعبية بعد أن كادت تضيع هذه الدور التي تعد شاهدة على مجموعة من الفنون الشعبية ومحافظة على استمراريتها. ومما لفت نظري أن ممارسة طقوس الزار - حسب المحاضر - ليست وقفا على أهل المدن، فإن أهالي القرى أيضا يمارسون هذه الطقوس. كما ذكر المحاضر في الإجابة على سؤاله: لماذا تلجأ شريحة واسعة من المثقفين الى مشايخ الزار حتى الآن بأن له رأيا خاصا فيه، إذ ان شريحة المثقفين تختلف عند لجوئها إلى هذا الحل عن شريحة البسطاء، فالشريحة الأولى لا تلجأ إلى هذه الطقوس إلا بعد أن تفشل في تحقيق العلاج من خلال الطب وتتوجه إليه بعد اليأس من كل أشكال العلاجات الأخرى، أما البسطاء فقد يلجأون إليه حتى قبل البدء بالعلاج الطبي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً