حسنا فعل أحد أئمة مساجد الجمعة أمس في البحرين عندما تطرق في الخطبة إلى الحديث عن ظاهرتي التكفير والتفجير اللتين انتشرتا أخيرا ورمتا بظلالهما على أحوال الناس في أمنهم واستقرارهم. وهذه الظاهرة من أكثر الظواهر التي «صدَّرتها» الدول العربية والإسلامية إلى دول العالم الأخرى بحجة محاربة «الكفر» بعد أن فشلنا في تصدير منتجاتنا الغذائية والثقافية والفكرية والصناعية وفشلنا في تصدير أخلاقنا وأدبياتنا في إكرام الضيف وإغاثة الملهوف فصدرنا الموت إلى العالم فانتشرت أشلاء الموتى في الطرقات، وتناثرت الدماء البريئة هنا في السعودية وهناك في المغرب وتيتم الأطفال وترملت النساء وسمي ذلك جهادا (في سبيل الله) على رغم أن الحقيقة الظاهرة والباطنة والمعلوم من الدين بالضرورة أن الدين الإسلامي السمح ما جاء إلا لحفظ هذه النفوس التي قتلت، وجاء لحفظ هذه الأنساب التي قطعت، وتنزلت الآيات تباعا تدعو إلى منع إراقة الدماء بيننا.
هذا الدين هو دين المحبة ينطلق من مفهوم «فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت: 34) ولو طبق هذا المفهوم لعاش العالم في محبة ووئام ودخل الناس في دين الله أفواجا. هؤلاء لم يتدارسوا السيرة النبوية بينهم ولو فعلوا لعرفوا كيف ان اعرابيا دخل على رسول الله (ص) مع أصحابه فتبوّل داخل صحن المسجد، وتنتهي القصة بأن دخل الرجل في دين الإسلام، وكيف أن اليهودي الذي كان يؤذي رسول البشرية (ص) ويسبه ويضع القاذورات أمام منزله يصبح مسلما.
فمحاربة ظاهرة التكفير والتفجير تحتاج إلى جهد كبير وخطط طويلة الأمد ليس على مستوى دولة واحدة بل على مستوى الدول العربية مجتمعة
إقرأ أيضا لـ "خالد أبو أحمد"العدد 337 - الجمعة 08 أغسطس 2003م الموافق 10 جمادى الآخرة 1424هـ