أثارت الصحف العبرية، مضاعفات اغتيال أحد الكوادر في «حزب الله» علي حسين صالح، السبت الماضي في الضاحية الجنوبية من العاصمة اللبنانية. وأعاد المراقبون الإسرائيليون إلى الصدارة، ملف الوضع الحدودي مع لبنان بفعل تحذيرات إسرائيلية استخبارية من رد انتقامي لـ «حزب الله» على اغتيال صالح الذي اتهم الحزب، «إسرائيل» بقتله وتوعد بالرد. وخصوصا ان شظايا مضاداته الجوية تسببت الأحد الماضي، بإصابة عدد من المستوطنين الإسرائيليين بجروح طفيفة. ونقل جدعون ألون في «هآرتس»، تحذير مصادر استخبارية إسرائيلية من ان «حزب الله» إلى جانب 7 خلايا وصفها بالـ «إرهابية» في منطقة رام الله ـ نابلس، تخطط لتنفيذ عمليات «إرهابية» منفصلة في «إسرائيل». ونقل ألون، عن مسئول استخباري عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، أن «حزب الله»، يخطط للقيام بعمليات ضد «إسرائيل»، وذلك انتقاما لمقتل عضو من الحزب في بيروت، ذاك أن «حزب الله»، حمّل الجانب الإسرائيلي مسئولية مقتله.

وبدا عند عاموس هاريل في «هآرتس»، أن إطلاق المضادات الأرضية مرة أو مرتين في الأسبوع، بات الخيار الوحيد أمام «حزب الله»، لخرق الهدوء على الحدود الشمالية، بانتظار الوقت الملائم لاختطاف المزيد من الجنود الإسرائيليين. ورأى هاريل، ان ما أسماها الاعتداءات الموجهة مباشرة من لبنان، لم تعد مقبولة. ذاك انها قد تتسبب بتعقيد العلاقات بين الدول التي ترعى «الحزب» أي سورية وإيران، مع الأميركيين. ومن هنا لاحظ هاريل، ان «حزب الله» يلتزم الهدوء في المرحلة الراهنة، حتى ان المضادات الأرضية قليلة جدا في هذه المرحلة. لكن هاريل، وفي تبرير للخروقات الإسرائيلية للأجواء السيادية اللبنانية، لفت إلى ان القوات الإسرائيلية، مازالت تدخل الأجواء اللبنانية بهدف تصوير الأراضي اللبنانية. معتبرا ان هذا الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية هو العذر الوحيد الذي يتيح لـ «حزب الله»، فرصة استعمال مضاداته ويتيح للحزب فرصة الظهور بمظهر المدافع عن لبنان، في وجه أعدائه. وبعدما لاحظ ان مضادات «حزب الله» لم تصب أية طائرة إسرائيلية حتى الآن، قال انه من الممكن لهذه المضادات أن تتسبب بمقتل أحد الإسرائيليين وعندها لا أحد يعرف ما قد يكون الرد. وذكرت «معاريف»، بأن سكان المستوطنات طالبوا الحكومة الإسرائيلية بالعمل على وضع حدّ لـ «حزب الله» ويتخوفون من أن يؤدي ازدياد إطلاق المضادات إلى تهريب السياح في أوقات العطل. ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع في القيادة الشمالية انه جرى في الفترة الأخيرة اختيار طرق مختلفة للقيام بالطلعات الاستطلاعية في الأجواء اللبنانية، وتقرر مواصلة ما هو معتمد الآن على رغم إطلاق نار «حزب الله».

ماذا على الجانب اللبناني؟ المحلل اللبناني المختص بشئون «حزب الله»إبراهيم الأمين في صحيفة السفير «اللبنانية» تطرق إلى حادث الاغتيال الأخير لأحد كوادر حزب الله معتبرا أن المؤشرات الأولية للعملية أظهرت ان منفذيها من المجموعة التي نفذت عملية اغتيال الشهيد الفلسطيني جهاد أحمد جبريل، وثمة خيوط أولية عن احتمال وجود رابط مع عملية الاغتيال التي تعرض لها الوزير اللبناني السابق إيلي حبيقة. وتساءل الأمين: في أي سياق يمكن وضع هذه العملية وما صلتها بالمناخ العام الضاغط إقليميا ودوليا لمحاصرة المقاومة وعزل «حزب الله»؟ لافتا إلى ان الحزب لم يتأخر في نعي الشهيد صالح، وفي الإشارة إلى انه من رجالات المقاومة، ولو من دون أي تفصيل إضافي يميزه عن بقية المقاومين. وهنا ربما أراد الأمين، الرد على ملاحظات وردت في وسائل إعلامية لبنانية وعربية بأن الحزب تردد كثيرا قبل أن ينعى الشهيد صالح... لكنه لاحظ ان الحزب أورد عبارة بالغة الأهمية تقول إن هذه الجريمة لن تمر من دون عقاب. مستنتجا أن الحزب حسم ان «إسرائيل» هي التي تقف وراء عملية الاغتيال. وهو أمر يشير ضمنا إلى ان الشهيد كان يقوم بعمل مهم بالنسبة إلى الحزب وإلى المقاومة، وبالتالي فإن نجاح العدو في الوصول إليه يعكس خسارة على جبهتين: الأولى في موت الكادر نفسه. والثانية، في حجم الاختراق الذي حققه العدو. من هذا المنطلق اعتبر الأمين، ان ذلك يستدعي نشاطا خاصا من جانب الحزب لمنع تكرار الأمر، ثم لكشف الثغرات التي نفذ منها العدو لتحقيق غرضه، ونوعية الرجال الذين استخدمهم في هذه المهمة. من جانب آخر، كشف الأمين، أن الحزب يرى نفسه الآن في حلّ من احترام ذاتي لخطوط حمر في اللعبة المفتوحة مع الإسرائيليين، تماما كما حين قامت «إسرائيل» باغتيال الشهيد رمزي نهرا في المنطقة الحدودية قبل مدة غير قصيرة، فقد كان الرد بتفجير عبوة ناسفة عند السياج الأمني ولم يتبنَ الحزب العملية، بل صدرت بيانات تنسب العملية إلى مجموعة الشهيد رمزي نهرا. واستنتج الأمين، مما سبق انه بمقدور الحزب الآن القيام بعمل مشابه ومن دون اعلان المسئولية، وربما يختار هدفا أمنيا لا يحتاج تنفيذه إلى ضجيج، أو ربما يكون بوارد القيام بعمل يحدث صراخا إسرائيليا أعلى والسعي إلى استثماره في معرض ردع العدو عن تكرار ما فعله في الضاحية الجنوبية لبيروت أو غيرها من المناطق.

لكن الحديث عن مخاوف إسرائيلية على الحدود اللبنانية، يستتبعها الحديث عن الخطر السوري، كما تراه الدولة العبرية... وقد لفت روفن بيداتزور في «هآرتس»، إلى ان المعلومات التي وردت في مجلة «فورين ريبورت» (البريطانية) عن امتلاك سورية مئة رأس نووي موجه إلى «إسرائيل»، هي معلومات قديمة متسائلا: لماذا اختارت المصادر الإسرائيلية أن تسلط الضوء في هذه الفترة بالذات على التهديد الذي تشكله سورية لـ «إسرائيل»؟ وأجاب انه من وجهة نظر وزارة الدفاع الإسرائيلية فإن زوال التهديد العراقي قد يأخذ معه مليارات الدولارات التي كانت تقدم إلى الوزارة والجيش الإسرائيلي لمواجهة ذلك التهديد. ومن هذا المنطلق رأت انه يجدر بها البحث عن تهديد آخر ليكون المبرر لاستمرار تدفق الأموال إلى خزينتها. وأضاف بيداتزور، ان التعامل مع التهديد السوري كان يستند إلى الردع وليس إلى تدعيم النظام الدفاعي الصاروخي الإسرائيلي ،لأن سورية لا تجرؤ على إطلاق صواريخ باتجاه «إسرائيل»، لأنها تعلم جيدا ان الرد الإسرائيلي سيكون مؤلما. لذلك اعتبر الكاتب الإسرائيلي ان وزارة الدفاع ستحاول تضخيم الخطر السوري كي تبرر إنفاق الأموال على النظام الدفاعي الإسرائيلي. ولكن بيداتزور، أكد ان ما من جهة سياسية إسرائيلية في الكنيست أو في الحكومة الإسرائيلية لديها النية في التحقق من الحاجة إلى الإنفاق على النظام الدفاعي الإسرائيلي لذلك فمن الأفضل لوزارة الدفاع أن ترتاح ولا تشغل بالها بكيفية تبرير ذلك الإنفاق