العدد 334 - الثلثاء 05 أغسطس 2003م الموافق 07 جمادى الآخرة 1424هـ

ألمانيا تعامل السعودية كواحدة من الدول «المارقة»

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

عرفت العلاقات الألمانية السعودية اوقات افضل. منذ وقت قصير يعرف الدبلوماسيون والموظفون في السفارة السعودية في برلين ان تحركاتهم تخضع لمراقبة مكاتب حماية الدستور (البوليس السري الالماني) وكان مثل هذا القبيل مستبعدا جدا في الماضي ذلك ان السعودية دولة مهمة جدا بالنسبة إلى المانيا فهي رابع اكبر مورد للنفط لهذا البلد الاوروبي الكبير بعد بحر الشمال وروسيا وليبيا واكبر شريك تجاري عربي. ما الذي تغير في هذه العلاقة وما الدافع كي تصبح السفارة السعودية تحت مهجر البوليس السري الالماني؟

الملاحظ ان هناك فتورا طرأ على علاقات البلدين منذ وقت. بعد سفر السفير عباس فائق غزاوي لم تعين السعودية خلفا له. المؤكد ان هذه العلاقات مرشحة لتزداد سوءا بعد نشر وسائل الاعلام الالمانية تفاصيل جديدة عن الاتهامات التي وجهتها دوائر الأمن الالمانية إلى دبلوماسي في السفارة يريد المحققون الالمان استجوابه عن صلته بالمغربي منير المتصدق، الذي حكمت عليه محكمة هامبورغ حديثا بالحبس مدة 15 عاما بعد ثبوت الاتهامات بأنه شارك في التخطيط لهجوم 11 سبتمبر/ ايلول العام 2001 على الولايات المتحدة والشروع في القتل في اكثر من ثلاثة آلاف حالة. وكانت سلطات الأمن الالمانية حسبما اشيع عثرت في شقة المتصدق على بطاقة تعريف خصوصا بالدبلوماسي السعودي محمد الفقيهي الذي يوجد حاليا في السعودية بعد ان غادر الاراضي الالمانية بصورة مفاجئة عقب القاء القبض على شاب تونسي تشك السلطات المحلية بوجود صلة له مع تنظيم اجنبي ارهابي.

وتشير معلومات نشرت في برلين إلى ان رجال الامن الالمان كانوا يراقبون الدبلوماسي السعودي محمد الفقيهي الذي وفقا لملفه في وزارة الخارجية الالمانية يشغل منصب مدير القسم الاسلامي في السفارة، منذ وقت وتحديدا بعد العثور على بطاقة التعريف في شقة المتصدق.

وزادت الشكوك حوله بعد ان قام بنفسه قبل اختفائه من المانيا باصطحاب المتهم التونسي بسيارته التي تحمل لوحة دبلوماسية من مقر السفارة في شارع كوفور ستندام باتجاه مركز المعارض وسرعان ما ترجل التونسي من سيارة الدبلوماسي ألقى البوليس السري الالماني القبض عليه ومازالت التحقيقات جارية معه حتى اليوم لمعرفة دوره في الترتيب لأعمال عنف داخل المانيا. لكن دوائر الامن الالمانية ترفض التعليق على دور الدبلوماسي السعودي محمد الفقيهي وتقول انه سافر بصورة مفاجئة إلى بلده في نهاية شهر مارس/ اذار الماضي. من غير المعروف ما إذا كان سفر الفقيهي تم بطلب من وزارة الخارجية السعودية ام بطلب من وزارة الخارجية الالمانية تجنبا لنشوب ازمة بين البلدين. ويرى المراقبون ان هذه القضية تكشف عن تحول كبير في العلاقات بين المانيا والسعودية. فمن الآن وصاعدا يعرف الدبلوماسيون السعوديون في المانيا ان عملاء البوليس السري الالماني يسيرون خلفهم وان كل نشاطاتهم تحت المجهر وخصوصا الموظفين العاملين في الاقسام التابعة لوزارة الاوقاف السعودية. وأبلغ مصدر امني الماني مجلة «دير شبيغل» ان الشكوك تحوم حول قيام هذه الاقسام الموجودة في السفارات السعودية بتوفير الدعم إلى اسلاميين نشطين في الخارج.

وقالت مجلة دير شبيغل ان السعودية التي كانت تعامل معاملة خاصة بوصفها شريكا مهما لألمانيا، تخضع الآن لمعاملة مثل التي تعامل بها الالمان مع السفارة السورية التي يتهمها البوليس السري الالماني علنا في تقريره السنوي بممارسة التجسس خصوصا على معارضي النظام في دمشق. واستطردت مجلة دير شبيغل في وصفها للعمالة الجديدة بأن المانيا على وشك معاملة السعودية كواحدة من الدول المارقة. وعزز شكوك الالمان النقاش الذي انفجر في واشنطن والرياض حول الفقرات السوداء في تقرير مجلس الشيوخ عن تقاعس اجهزة الامن في الكشف مبكرا عن خطة هجوم 11 سبتمبر/ ايلول 2001 وتعمد الادارة منع نشر معلومات عن اتهامات وجهها التقرير للحكومة السعودية على رغم اصرار المسئولين في الرياض على الكشف عن «الفقرات المحذوقة» لأن التستر عليها يزيد الشكوك بما يشاع عن دور السعودية في تمويل منظمة (القاعدة) التي يحملها الاميركيون مسئولية الهجمات.

تعتقد دوائر الأمن الالمانية، مثل دوائر الأمن الاميركية، ان هناك مجموعة من اصحاب النفوذ في السعودية لديهم صلة بمنظمة (القاعدة) ويشير هؤلاء إلى ان السفارات السعودية وفرت على مدى السنوات الطويلة الماضية اموال الدعم إلى تنظيمات إسلامية وهناك احتمال كبير بأنها مازالت تعمل في تقديم اموال الدعم. ويعتمد المحققون الالمان في تحليلاتهم على المعلومات التي يحتويها ملف الدبلوماسي السعودي محمد الفقيهي. في البداية لم يثر هذا الدبلوماسي اية شكوك لكن اسمه بدأ يرد خلال التحقيقات مع إسلاميين نشطين وقعوا بقبضة سلطات الأمن الألمانية وخصوصا الكشف عن اتصالات اجراها مع اسلاميين نشطين في مسجد (النور) في ضاحية نوي كولن كما تسقبل مجموعة منهم في مكتبه بالسفارة. وينفي المشرفون على مسجد (نور) الاتهامات بالتخطيط لاعمال عنف. لكن هذا لم يزل الشكوك بأن الفقيهي كان يلعب دور الوسيط في تمويل مسجد (نور) بتكليف من مؤسسة (الحرمين) في الرياض. وتكشف سجلات دائرة البناء في برلين ان مدير مؤسسة (الحرمين) وشريكا آخر قاما بتمويل شراء قطعة الارض في ديسمبر/ كانون الاول العام 2000 لبناء المسجد عليها. وتقول بيانات البوليس السري الالماني ان هذا المسجد اصبح منذ وقت مركزا لتجمع الاصوليين كما بلغهم من مصادر داخل المسجد الذي تعرض لمداهمة عثر خلالها على مسدس. وتجري التحقيقات ضد ستة اشخاص يتهمهم المدعي العام في برلين بالعمل في تشكيل تنظيم ارهابي والمتهم الرئيسي في هذه المجموعة يحتمل ان يكون قد عمل مدربا في قواعد منظمة (القاعدة) في افغانستان. وينفي امام جامع مسجد (النور) ان يكون الجامع مكانا لمثل هذه النشاطات.

وذكرت مجلة دير شبيغل في تقرير لها عن هذه القضية ان المعلومات التي تصدر عن دوائر الأمن الالمانية تتطابق مع اتهامات وجهتها دول اخرى إلى السعودية. ففي سياق التحقيق بهجوم 11 سبتمبر ورد اسم مؤسسة (الحرمين) كجهة قدمت اموال دعم إلى اسلاميين متطرفين. واغلق مكتب هذه المؤسسة في كينيا بعد الاشاعة بأنها على صلة مع وجهات منظمة (القاعدة) وجمدت ارصدتها المالية في البوسنة. وفي الولايات المتحدة رفع اقارب ضحايا هجوم 11 سبتمبر دعوى ضد مؤسسة (الحرمين) تطالب دفع تعويضات كبيرة. وقالت مجلة دير شبيغل ان مجموعة من الشركات الالمانية العاملة في السعودية التي حصلت على تمويل من مصادر سعودية، مهددة بمواجهة سيل من الدعاوى بعد الكشف عن دورها في تمويل منفذي الهجمات. وقالت مجلة دير شبيغل ان تاتاري مدير شركة المانية سعودية عبدالمتين يقع مقرها بالقرب من مدينة هامبورغ ساعد متهمين بالتعاون مع خلية هامبورغ بالحصول على وظائف عمل في شركته. فيما نقلت المجلة عن ابنه عبارات الاشادة بمنفذي الهجوم على الولايات المتحدة ينفي عبدالمتين تاتاري وجود صلة لشركته مع منظمة (القاعدة).

تريد المانيا الآن معرفة مضمون «الفقرات المحذوفة» في تقرير مجلس الشيوخ للحصول على صورة اوضح عن الاتهامات الموجهة للسعودية في قضية 11 سبتمبر.

ويبد ان هذا التقرير وجه عبارات اللوم لالمانيا بسبب فشل اجهزتها الامنية في كشف مبكر عن دور خلية هامبورغ، التي خططت للهجوم على ارض المانية، فإن البوليس السري الالماني عازم الآن على الفوز بثقة الاميركيين من جديد ولهذا فقد شدد رقابته على السفارة السعودية ويعمل في الكشف عن علاقة الفقيهي مع الاسلاميين النشطين الموجودين قيد التحقيق. بدأت السفارة السعودية تتراجع عن تصريحاتها السابقة عن دور الفقيهي فبعد ان ذكرت ان استجواب الفقيهي لم يكشف عن وجود اتصالات بينه وبين تنظيمات غير مشروعة، ورد إلى مسمع الجهات المختصة في وزارة الخارجية الالمانية ان الرياض حاكمت الدبلوماسي المذكور بعد ان ادانته بسوء استخدام 300 ألف دولار من اموال السفارة السعودية في برلين والقضية مستمرة

العدد 334 - الثلثاء 05 أغسطس 2003م الموافق 07 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً