مع التئام لجنة المتابعة العربية في القاهرة، لم تخل صحيفة عربية، من إثارة وضع الجامعة العربية، من جهة، والتطلع إلى جدول أعمال اللجنة، ولاسيما في ظل ترجيح مناقشة الطلب الأميركي من بعض الدول العربية، إرسال قوات عربية إلى العراق وفي ظل وضع القوات الأميركية الأمني التي تتعرض يوميا لخسائر بشرية ومعنوية في مواجهتها مع المقاومة العراقية. وفيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن مجلس الحكم في العراق «خطوة إلى أمام» ولم يستبعد أن تبحث اللجنة إرسال قوات عربية إلى هذا البلد، في حال أثار أي طرف في الاجتماع هذه المسألة، استبعد المراقبون الاتفاق العربي على قرار المشاركة في العراق في ظل المعارضة الشديدة التي تقودها سورية وليبيا والجزائر واليمن ولبنان.
وفي غياب قرار دولي جديد يتعلق بالوضع العراقي ما يعني إمساك الأمم المتحدة بزمام الأمور العراقية... وبالتالي تجاوز القرار السابق في مجلس الأمن رقم 1483 لسنة 2003 الذي يحدد دور الأمم المتحدة في العراق الذي تحتله القوات الأميركية والبريطانية. ونقل خليل فليحان في «النهار» البيروتية، بعد أن تساءل عن سبب اجتماع لجنة المتابعة والتحرك العربية في القاهرة؟ هل الاجتماع دوري أم استثنائي؟ وأجاب بأن الغموض لايزال سائدا، لأن ثمة موضوعات سرية مطروحة والعين الأميركية تراقب التحركات بتفاصيلها حتى في أجنحة الوزراء في الفنادق، نقل عن مصادر وزارية عربية تقول: ان الهدف الحقيقي لاجتماع اللجنة هو تخفيف الضغط الأميركي الذي يمارس على بعض الدول العربية المؤثرة والحليفة للولايات المتحدة للاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي في العراق... ولفت إلى ان الدول الأعضاء في لجنة المتابعة تؤيد موقف السعودية ومصر والأردن برفض إرسال قوات عسكرية إلى العراق... كما ترفض الدول التي تؤيد الولايات المتحدة الاعتراف بالمجلس الانتفالي. أما جورج علم في السفير «اللبنانية» فنقل عن مصادر متعددة ان اجتماع لجنة المتابعة جاء ثمرة للتحرك الذي قام به الرئيس السوري بشار الأسد أخيرا باتجاه مصر، ثم السعودية، وان الأخيرة أصرت على مملكة البحرين، الرئيسة الدورية للقمة، لعقد هذا الاجتماع لأن وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل العائد من واشنطن في الوقت الذي تتعرض فيه المملكة السعودية لضغوط أميركية متزايدة، لديه ما يقوله فيما يتعلق بالموقف من مجلس الحكم العراقي، وإرسال قوات عربية بناء على الطلب الذي وجهته الإدارة الأميركية إلى 70 دولة وتجاوبت معه ثلاثون دولة حتى الآن. ولفت إلى انه برز من خلال المناقشات التي جرت في مقر الجامعة، أو في أمكنة إقامة الوفود، أن الفيصل أكد الموقف المعلن، أي إرسال قوات عربية تجاوبا مع دعوة توجهها حكومة عراقية شرعية منبثقة من إرادة العراقيين، وتمنى أن تعمل لجنة المتابعة على تسويقه خلال الاجتماع الدوري المقبل لمجلس الجامعة، باعتبار أن لا صفة تقريرية لها (أي لجنة المتابعة) بل تشاورية. كما أشار علم، إلى انه قد فهم أيضا ان اجتماع اللجنة اليوم سيشهد مداخلات ثلاث، الأولى من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بشأن التحرك الذي قام به الرئيس بشار الأسد أخيرا وأهدافه، والثانية من الأمير سعود الفيصل عن أبعاد وخلفيات زيارته الأخيرة لواشنطن، أما الثالثة فمن الوزير الفلسطيني نبيل شعث، بشأن زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني أبو مازن لواشنطن والمستجدات التي طرأت على «خريطة الطريق». ورأت الرياض «السعودية» ان الحملة التي شنها بعض أعضاء الكونغرس الأميركي على السعودية مستندين فيها إلى صفحات غامضة لم يكشف النقاب عن فحواها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بل ستتبعها حملات على دول عربية أخرى ولأسباب مختلفة أهمها عدم السباحة في اتجاه التيار الإسرائيلي والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها على حساب المصالح القومية العربية. ومن هنا رأت الصحيفة السعودية، ان الوقت حان إلى أن نقف معا لصد الهجمات التي تحاول النيل من مكتسباتنا وألا نؤخذ على غرة فرادى فذلك أسهل لمن يريدون «اصطياد» الدول العربية كل على حدة، والضغط عليها بالأساليب المشروعة وغير المشروعة كافة. وانتقدت الجامعة العربية والأمم المتحدة لأن السلبية طغت على مواقفهما التي لم تتعدّ الشجب والاستنكار والإدانة وكل المفردات التي لا تقدم ولا تؤخر. ورأت الوطن «السعودية» أيضا انه ليس أمام العرب سوى الأسف والنواح لما وصلت إليه الأوضاع العربية وهذا المنحدر الذي باتت فيه، وهم يتحملون المسئولية الأولى عن التردي الآخذ في الاتساع مرحلة بعد أخرى. لكنها اعتبرت انه لم يعد جائزا مجرد عرض الحال العربية فقط. وإذ لاحظت ان الجامعة العربية باتت مؤسسة شكلية واستعراضية لا تستطيع سوى ترتيب اجتماعات، لفتت إلى مشروعات عديدة طرحت لإصلاح الجامعة العربية وتحويلها إلى كيان عربي فاعل له قرارات ملزمة تعاقب من يخطئ وتثني على من يصيب...وسألت أين هي هذه المشروعات، وما مصيرها، ومن الذي يتابع التنفيذ؟...الكل أمام حقائق لم تعد خافية، ومصير شعوبنا رهن بمواقفنا الواحدة القوية الجريئة الملزمة المجدية الملحة، وإذا وصلنا إلى هكذا مرحلة نستطيع عندها أن نسأل: من المسئول وماذا يجب اتباعه وكيف، ثم ننفذ ما نقول. وتطرقت تشرين «السورية» أيضا إلى انعقاد لجنة المتابعة العربية في القاهرة، في ظل الاضطرابات في المنطقة التي تستدعي على حد قول «تشرين» موضوعا واحدا قبل كل شيء وهو الوضع العربي ومشكلاته وإعادة هيكلته، مؤكدة ان هذا لا يعالج إلا بموقف متضامن يبدأ من الجامعة العربية ثم من خلالها معتبرة ان النهوض لن يكون إلا من خلال الجامعة العربية التي هي بيت العرب جميعا وعالم اليوم يجنح إلى التكتل لتعزيز القوة والقدرات على رغم الاختلافات القومية واللغوية وحتى الجغرافية. ورأى طاهر العدوان في العرب اليوم «الأردنية» ان الدور العربي في العراق يجب ألا ينحدر إلى مستوى مساعدة جنود الاحتلال وتسهيل مهمتهم... فقد اعتبر العدوان، انه إذا كانت العواصم العربية عاجزة عن دعم حركة النضال العراقي ضد الاحتلال فإن من واجبها أن تنأى بنفسها عن أن تكون في خدمة المحتلين... ورأت سحر بعاصيري في النهار البيروتية، انه عندما تكون التطورات المتلاحقة في العراق وفلسطين وما حولهما ترسم وجها جديدا للمنطقة وتقرر لجنة المتابعة العربية أن تعقد اجتماعا «في القاهرة»، لا يكون افتراء أن يسأل المرء: ماذا تتابع هذه اللجنة؟ وبعد أن لاحظت ان الارتباك واضح حتى في أبسط الأمور، في إشارة من الكاتبة اللبنانية، إلى التضارب في الأجوبة عما إذا كان موضوع إرسال قوات عربية إلى العراق بعدما طلبت أميركا ذلك مدرجا في جدول الأعمال أم لا؟ أملت بعاصيري، ان يكون التهديد الأميركي الذي تشعر به أكثرية الدول العربية أكانت صديقة لأميركا أم غير صديقة، كفيلا بأن يشكل حافزا لمقاربة عربية جديدة في التعامل مع التغييرات لا تقوم على بدعة «الواقعية السياسية» التي حولها المسئولون العرب منذ زمن استسلاما بل على قرار واع بأن أي موقف موحد واضح يبادرون إلى اتخاذه قد يعيد إليهم بعضا من ملامح حضور تلاشى ويمدهم ببعض من ثقة انعدمت. فلِمَ لا يكون موقفا مبادرا في اتجاه دور عربي في العراق يدفع في اتجاه توسيع دور الأمم المتحدة هناك واستعادة العراق من الاحتلال ويسمح بأن يكون أيضا مدخلا لطلب تقدم أسرع من واشنطن في حل القضية الفلسطينية؟ قد يبدو هذا في ظل الوضع العربي بالجملة والمفرق كطلب المستحيل، لكنها رأت انه مع طغيان التهديدات الأميركية يبدو أقرب إلى أن يكون خشبة خلاص وحيدة، وخصوصا ان الشقوق المتزايدة في وضع الأميركيين في العراق تسمح بالمحاولة. ولننتظر لنرى أي طريق سيتابعه المسئولون العرب، هكذا أنهت بعاصيري مقالتها. لكن جوزف سماحة في السفير، لاحظ ان أدراج الجامعة العربية تحتوي على «أمة عربية افتراضية»... أما الحال العربية العيانية فهي حال أقطار تكون سعيدة إذا أنقذت وحداتها الوطنية وسيادتها الإقليمية ومنعت، كما في العراق وغيره، مزيدا من التفتت. انطلاقا من ذلك شدد على ان أي تطوير جدي لجامعة الدول العربية يجب أن يبدأ بعملية «حصر إرث» أي تكليف العاملين في مقرها وفي الهيئات المنبثقة عنها وضع جردة تفصيلية بكل القرارات التي اتخذت، بالإجماع، ولم تعرف طريقها إلى التنفيذ. وأضاف انه من المفروض بعد ذلك، تسليم هذه «الأطنان» إلى الحكومات العربية على أن يطلب منها دراستها وتقديم جواب، خلال مدة زمنية محددة، عمّا تقبل الالتزام به وتود الاستمرار في التعهدات المقطوعة بشأنه. أي انه سيكون عليها أن تحدد درجات التخلي الطوعي عن السيادة التي ترتضيها لصالح هيئة «أعلى». غير ان سماحة على رغم اقتراحه، رأى انه من غير المتوقع أن يصلح العطارون ما اشتركوا مع الدهر في إفساده
العدد 334 - الثلثاء 05 أغسطس 2003م الموافق 07 جمادى الآخرة 1424هـ