قرأت باهتمام تصريحات رئيس مجلس النواب ونائبه الثاني التي نشرت أخيرا، والتي تركزت في مجملها على توجيه اللوم إلى المعارضة لأنها تستهدف بانتقادها لأداء المجلس أو لقبول العطايا والمكرمات، اسقاط هذا المجلس وبالتالي افشال التجربة البرلمانية، وانه - والكلام لهما - بدلا من ذلك فعلى المعارضة أن تمد يد العون إلى المجلس لكي يتمكن من تحقيق أهدافه وتحديدا معالجة الملفات الشعبية الساخنة.
والواقع ان فهم الرئيس ونائبه لدور المعارضة - وأعني بها الجمعيات السياسية المقاطعة - وما تقوم به من تحركات على الساحة العامة، لهو فهم خاطئ، بل انه على عكس ما وصلا إليه من استنتاج.
فالرئيس ونائبه ومعهم مجموعة من النواب يتفقون على ان السلطة التشريعية التي يمثلونها مسلوبة من صلاحية التشريع التي وجدت من أجلها، وانها - اي السلطة التشريعية - لا تقدم ولا تستطيع أن تطالب باكثر من الاقتراح بمشروع قانون والاقتراح برغبة، وانه من العشرات من هذه وتلك التي قدمها المجلس إلى الحكومة في فصل انعقاده الأول لم تستجب الحكومة الا لاثنين أو ثلاثة منها، وان بعضها مثل السماح للمنقبات بسياقة السيارة من دون اعتراض من المرور قد تم بإرادة ملكية.
فاذا اتفقنا جميعا على ان أساس المعضلة التي يواجهها مجلس النواب تكمن في عدم مقدرته على ممارسة دوره باعتباره سلطة تشريعية منتخبة وممثلة للشعب تضع هي مشروعات القوانين ولا تقترحها، وتصدر قراراتها بالموافقة على هذه القوانين، والحكومة تنفذ هذه القرارات، فإن المجلس سيبقى مشلولا مسلوب الصلاحيات، خاضعا لإرادة ورغبات الحكومة التي توافق على الاقتراحات أو ترفضها... واذا اتفقنا أن هناك نقص في الصلاحيات التشريعية دستوريا لصالح الحكومة فان ما تقوم به المعارضة ابتداء من التعاطي مع الدستور، وانتهاء بنقد صلاحيات واداء مجلس النواب المحددة في دستور 2002، كل ذلك بهدف المطالبة بتعديل أو تغيير هذا الدستور باتجاه حصول مجلس النواب على صلاحيات التشريع، وبالتالي التعامل معه باعتباره سلطة تشريعية حقيقية تماما مثل السلطات التشريعية في الدول الديمقراطية، وليس سلطة تشريعية شكلية كما هو الحال الآن.
وبما أن هذا هو هدف المعارضة مما تقوم به، فهو يصب في صالح تقوية مجلس النواب وليس افشاله
العدد 333 - الإثنين 04 أغسطس 2003م الموافق 06 جمادى الآخرة 1424هـ