مادمنا في إطار تعداد خسائر السياحة الداخلية من المقومات والمنتوجات، فلا بأس أن نذكر بما خسرته هذه السياحة من مواقع أثرية تتمثل في المقابر التاريخية في مناطق مختلفة كمنطقة سار ومدينة حمد وعالي، والتي أصبحت هي الأخرى ضحية من ضحايا أصحاب النفوذ...

فقد اعتدى هؤلاء على المساحات الأثرية المذكورة إما بالشراء أو التعويض أو غير ذلك من أساليب الحصول على الأراضي في مملكة البحرين، اعتدى هؤلاء على تلك القبور والمواقع الأثرية وساووها بالأرض ثم قسموها وباعوها أو بنوا عليها مساكن...

وعلى مدى أكثر من عشرين عاما وعملية القضاء على هذه المواقع مستمرة، وعلى مرآى ومسمع من الجهات المسئولة في وزارة الإعلام أو غير ذلك من الجهات ذات العلاقة بتسجيل وتمليك الأراضي، وطوال هذه المدة والصحافة تكتشف هذه الاعتداءات وتكتب عنها، وقبل حوالي سنة اكتشفت إدارة الثقافة نفسها عمليات استيلاء وطمس لبعض المواقع الأثرية هذه، وحديثا تم اكتشاف تناقص قبور عالي، لكن الأمور دائما ما تدفع نحو المزيد من التناسي والصمت الذي يقود إلى نسيان الجميع لما حدث، وإلى استمرار عملية الاستيلاء والقضاء على المواقع الأثرية من أجل مصلحة بعض المتنفذين، أو بالأحرى من أجل تغليب مصلحة خاصة على مصلحة عامة، وتكرار ما حدث بالنسبة إلى الشواطئ والجزر والحدائق والعيون الطبيعية...

ورحم الله من نادى بالسياحة العائلية، وعمل كثيرا أثناء توليه وزارة الإعلام - وبالتالي مسئولية السياحة - من أجل توفير مقوماتها، فقد كان كمن يسبح ضد التيار، فالسياحة الداخلية أو العائلية كانت ومازالت تعاني من التجزئة، ومن التبعية إلى أكثر من وزارة وجهة، كما أنها تعاني من محاربة أصحاب النفوذ الذين يغلبون «مصلحتهم الترفيهية - الخاصة» على مصلحة غالبية الشعب، وعلى مصلحة الوطن الذي يتمنى أن تكون لديه سياحة بمقومات ومنتوجات مزدهرة، وتكون هناك قوانين تمنع المتنفذين من الاستيلاء على هذه المقومات، ومؤسسات تشريعية وتنفيذية تقوم بعملية مساءلة ومحاسبة الذين يملكون ما هو غير مستحق لهم، أو يحاولون ذلك.

فالسياحة العائلية في الصيف لا تكون بدعم الفنادق لكي تقدم تخفيضات، ولكن بإيجاد المزيد من المواقع والمنتوجات السياحية والترفيهية، وهذا ما هو مطلوب من مجلس الوزراء أن يبادر إلى تقديمه من أجل صيف مقبول وسياحة داخلية جاذبة