استبعدت مصادر أميركية إحداث تغيير في شكل السياسة الحالية تجاه العراق في المرحلة المقبلة باللجوء إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار جديد من أجل تدويل الأزمة ويقدم تحت اسم «إعادة الإعمار» خشية أن تؤدي المشاركة الدولية إلى الحد من سيطرة الإدارة الأميركية في بغداد. فبعد خمسة أشهر من رفض مجلس الأمن إقرار الغزو العسكري الأميركي - البريطاني للعراق لاتزال إدارة بوش وأعضاء رئيسيون في الأمم المتحدة على خلاف بشأن الصيغة التي من شأنها أن تخفف الأعباء العسكرية والمالية عن الولايات المتحدة. ويقول مسئولون أميركيون علنا إن وزير الخارجية كولن باول يقوم باستكشاف إمكان استصدار قرار ثان من مجلس الأمن ليحل محل القرار 1483، الذي «شرعن» الاحتلال، أو تعديله.
ويذكر أن ذلك القرار الذي صدر في مايو/ أيار الماضي منح الولايات المتحدة السيطرة على اقتصاد العراق والعملية السياسية فيه إلى أن تتولى حكومة معترف بها دوليا السلطة في بغداد. غير أن مسئولين أميركيين اعترفوا بأن لديهم بعض المخاوف بشأن أي قرار من شأنه أن يحد من السلطة التي يتمتع بها الحاكم العسكري الإداري بول بريمر والقادة العسكريون الأميركيون في العراق. واعترفت بريطانيا وروسيا وألمانيا بصورة خاصة بأن أية صفقة تؤدي إلى زيادة مهمة في مساهمة القوات ستتطلب عددا من التنازلات الأميركية من بينها فتح سوق إعادة إعمار العراق للتنافس الدولي وتحدد جدولا زمنيا لنقل السيادة إلى العراقيين وتتخلى عن سلطة مهمة للأمم المتحدة. لكن هذه الدول قالت إنها لا تتوقع سوى تحرك ضئيل في هذا الاتجاه في الوقت الراهن.
وأبلغ نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الثلثاء الماضي بأن حكومة الرئيس جورج بوش «سترحب بأي قرار من مجلس الأمن من شأنه أن يجعل من السهل على الدول المساهمة في قوات حفظ السلام، إلا أنني سأكون قلقا للغاية بشأن قرار يضع قيودا على ما يستطيع أن يقوم به السفير بريمر ورجالنا (العسكريون) هناك».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الأربعاء الماضي إن هناك دعما كاسحا بين قادة العالم من أجل قرار ثانٍ من شأنه أن يوسع الوجود الدولي في العراق. وجاء تصريح عنان بعد يوم واحد من تصريحات أدلى بها زعماء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس الشيوخ أيدوا فيها تفويض الأمم المتحدة الذي سيمكن دولا مثل الهند من المساهمة بآلاف الجنود الذين تحتاج إليهم الولايات المتحدة بشكل كبير في العراق. وقال عنان: «إن الهند وغيرها ستكون راغبة في المساهمة بقوات إذا كانت تعمل تحت قيادة قوة دولية بتفويض من الأمم المتحدة»، مضيفا: «إن الشرعية التي تقدمها الأمم المتحدة مهمة»، مشيرا إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أبلغه أخيرا «نريد أن نتدخل ولكننا لا نستطيع بموجب القرار الراهن».
وعلى رغم تصريحات باول، أبلغت مستشارة بوش للأمن القومي كوندليزا رايس دبلوماسيين في مجلس الأمن بأن من المبكر جدا النظر في تفويض جديد من الأمم المتحدة بالنسبة إلى العراق. كما أن إدارة بوش امتنعت أيضا عن الطلب رسميا من حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأن يتولى قيادة قوات دولية في العراق على رغم قرار مجلس الشيوخ بهذا الشأن الشهر الماضي.
وقال العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جوزيف بايدن إن إدارة بوش تحاول إيجاد انطباع بأنها تقوم بتدويل المسألة وتفخر بمشاركة 30 دولة بثلاثين ألف جندي في الخريف المقبل، ولكنها ليست كافية لمجرد تخفيف التوتر عن القوات الأميركية
العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ