العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ

عائشة يتيم... ريادة وعطاء بلا حدود في العمل النسائي

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

تركتنا الفاضلة عائشة يتيم إلى رحمة الله تعالى مخلفة في قلوب عضوات جمعية نهضة فتاة البحرين وجميع الرائدات والناشطات في مجال العمل النسائي ومن عرفها، تقديرا عظيما لريادتها مع ثلة أخرى من الفاضلات، مشوار العطاء التطوعي لخدمة قضايا المجتمع والوطن.

لقد زرعت عائشة يتيم والصديقات، البذور الأولى للمؤسسة النسائية المنظمة التي تعمل وفق أهداف مجتمعية تقدمية وبآليات وخطط عملية مدروسة، إذ احتضنت هي ومجموعة من السيدات والفتيات، فكرة تنظيم العمل الاجتماعي الجماعي منذ الخمسينات بشكل مؤسسي وفي إطار جمعية تركز الجهود الاجتماعية والثقافية لتحقيق نتائج ملموسة.

قبل تأسيس جمعية نهضة فتاة البحرين، كانت عائشة سكرتيرة نادي السيدات الذي أسس في العام 1953م برئاسة الليدي بلجريف زوجة المستشار البريطاني لحكومة البحرين آنذاك، فعملت ومجموعة من السيدات بالخياطة للفقراء ومساعدة المحتاجين، إلا ان النادي انتهى بعد أشهر قليلة وسط أجواء من المد القومي الكاسح لتتمهد الطريق لظهور جمعية نهضة فتاة البحرين، أول جمعية نسائية في البحرين ومنطقة الجزيرة العربية.

تكون مجلس الإدارة كلا من عائشة يتيم رئيسة، فائقة المؤيد سكرتيرة، لولوة الزياني أمينة الصندوق، زليخة شمس وبلقيس الساعي عضوتان إداريتان، وكان عدد العضوات في بداية التأسيس 15 عضوة فقط وارتفع الى 50 في العام 1958، وكان رسم الاشتراك 250 فلسا فقط ليصبح 500 فلس فيما بعد.

كان الاجتماع الأول في اكتوبر/تشرين الأول العام 1955 في منزل المرحومة عائشة يتيم، وتتالت الاجتماعات في منزلها أيضا كل يوم اربعاء في احدى حجره الكبيرة، وظل الوضع كذلك على مدى سبعة أعوام حتى بني مقر الجمعية في العام 1962م. ان لذكرى بناء المقر الخاص بالجمعية معاناة خصوصا لدى عائشة يتيم وعضوات الجمعية الرائدات يستشفها من يقرأ المقابلات في الصحف والمجلات، فبعد ان نظمن الأسواق الخيرية وجمعن التبرعات، اكتشفن ان المبلغ يكاد يكفي لإقامة مبنى من طابق واحد، من دون قيمة إضافية لشراء الأرض. هنا تقدم الوجيه حسين علي يتيم زوج المرحومة عائشة بدعم سخي، إذ وضع تحت تصرف الجمعية قطعة من الأرض المعروفة بأرض السينما، الواقعة في المنامة في فريق الخضر، لتقيم عليها الجمعية مبناها، وهذه الأرض كانت مؤجرة من قبل حكومة البحرين للسيد الوجيه حسين، بموجب عقد انتفاع طويل الأجل بينه وبين الحكومة.

رأست عائشة يتيم الجمعية لمدة عشرين عاما من العام 1955م وحتى 1974م، واشتغلت هي والسيدات معها في العمل الخيري كإعداد الملابس وتقديم التبرعات المالية للأسر المحتاجة، وفتحن فصول تعليم الحساب واللغة العربية في الجمعية لمكافحة الأمية، وجمعن التبرعات للقضايا المحلية مثل دعم المرضى البحرينيين المصابين بمرض السل آنذاك، وقمن بالتوعية الصحية في المدن والقرى وساندن قضايا الوطن الكبرى عندما وقفن مع تطلعات الشعب ضد الادعاءات الايرانية بضم البحرين ودافعن عن عروبتها.

وكانت الجمعية وقيادتها حاضرتين لمساندة الشعوب العربية في المناسبات الوطنية والقومية، نذكر منها مشاركتهما الفاعلة في حملة التبرعات التي جرت لصالح ثورة الجزائر في العام 1958م ومبلغ الثلاثة عشر ألف روبية الضخم آنذاك، التي جمعناه. كما أقامت الجمعية الأنشطة والحفلات الخيرية لصالح ثورة الشعب الفلسطيني ودعم خدمات الهلال الأحمر الفلسطيني، وزارت معسكرات الفدائيين والتقت قادة الفلسطينيين في الأردن في العام 1969م.

وظلت عائشة داعمة لأنشطة الجمعية مخلصة لأهدافها طيلة حياتها، ولم تتردد يوما عن الاهتمام الحقيقي بأي موضوع يخص الجمعية، وارتأت الجمعية تقليدها رئيسة فخرية للجمعية عرفانا بدورها الرائد، كما أصدرت مسابقة باسم عائشة يتيم للمقال الاجتماعي تكريما لدورها الرائد في تعزيز العمل الاجتماعي. قدمت الفكرة المرحومة الصديقة الغالية البسام، فقيدة الجمعية، وخصصت لها جوائز مالية بمبلغ 500 و300 و200 دينار تهدى الى كاتب أفضل مقال في المجال الاجتماعي. أما على المستوى الخليجي فقد تم تكريم عائشة كاحدى رائدات العمل الاجتماعي التطوعي بتاريخ 21 مارس/آذار 1978م لجهودها في تأسيس أول جمعية نسائية في البحرين والخليج، كما منحت الكثير من الميداليات وشهادات ودروع التكريم في مناسبات أخرى كثيرة.

اننا ونحن نستكمل مسيرة عائشة في جمعية نهضة فتاة البحرين، ندرك ان من أصعب المسائل، مسألة تقديم فكرة جديدة أو تأسيس كيان جديد، فالأمر يتطلب فكرا ورؤية وصبرا وعملا دؤوبا وجهدا ووقتا وتضحية، وعليه يمكننا تصور المعاناة والهموم التي عايشتها عائشة والرائدات المؤسسات في البدء وفيما بعده، من أجل تقديم أعمال ترقى بمستوى الأهداف، ونعي ان العبء الأكبر التي تحملته عائشة (أم علي) كما تروي الصديقات المؤسسات في لقاءاتهن الصحافية المتعددة عن نشأة الجمعية ومسيرة عملها.

ان ما يجعل العمل التطوعي ممتعا هو يقيننا بأن جهود المخلصين لا تذهب سدى، بل تبقى منارا ملهما لآخرين وأخريات يحملون الرؤية والأحلام نفسها ويزدادون قوة وأملا عندما يصيبهم التعب أو يضعف لديهم الأمل. وعائشة كانت منارا وستبقى منارا فهنيئا لك كل هذا التاريخ وهنيئا لك كل الحب والتقدير

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً