العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ

الشباب وإشكال الأمية الثقافية

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

تمازج الأيديولوجيات من جهة، وتداخل الثقافات في عالم لم يعد يعترف بالحدود الجغرافية ولا السياسية من جهة أخرى، كل ذلك خلف أزمة آلت إلى تداعيات لا حصر لها في النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية وتسبب كل ذلك في الخلط بين المفاهيم المختلفة.

فالأمية التقليدية التي طالما أجريت عنها الدراسات للوقوف على مسبباتها وطرق علاجها لم تعد بتلك الأهمية بعد أن ظهر للوجود إشكال أبعد منه بكثير. هذا الإشكال الذي قفز وغطى ملامحه على الأمية التقليدية ويتجلى بصورة أوضح على الأفراد غير الأميين بالمفهوم التقليدي، فقد يكونون متعلمين بل وخريجي جامعات وربما يجلسون على كراسي مؤثرة في القرار أيا كان هذا القرار. والشائع في عصرنا أن الإنسان المتعلم مهما تكن درجة تعليمه هو مثقف، كيف لا يكون كذلك وقد تخرج من الجامعة الفلانية أو المعهد الفلاني!!! وبما أن فلانا طبيب أو محامٍ فهو مثقف لا محالة.

هذا الإشكال الذي يزداد تعقيدا كلما بحثنا وعمقنا الحديث في جوانبه سببه اللغط والخلط بين التخصص والثقافة من ناحية، والمزج بين العلم والثقافة من ناحية أخرى. وهذا بحد ذاته يقودنا إلى الخوض في دهاليز الثقافة للوقوف على معناها ودلائلها، فالثقافة في اللغة من ثقف الشيء أي وعاه وفهمه وأدركه، والمثقف بناء على ذلك هو ذلك الشخص الذي يفهم شيئا عن كل شيء، أي أنه يعلم جزءا من كل علم (...) أما العالم أو المتخصص فهو ذلك الشخص الذي يلم بكل شيء عن شيء بعينه، أي أنه يعلم كل ما يدور عن علم بحد ذاته لا غير. فالذي يدرس علوم الكمبيوتر مثلا هو متخصص وليس مثقفا إذا ما اكتفى بدراسته.

وفي خضم ذلك كله يبدو الأمر أكثر تعقيدا، فهل يمكن أن يكون الشاب الجامعي أو المتعلم أميا بالمفهوم الحديث؟ وفي الوقت نفسه هل يمكن أن ينطبق عليه مفهوم المثقف؟ ومن الصعب أن ندعي التلبس بالثقافة، ففي عصر يتجه نحو التخصص شيئا فشيئا يغدو الإشكال شائكا ومبهما (...) ولكن، ليس من الاستحالة أن يصبح المرء مثقفا أو موسوعيا كالجاحظ الذي أثرى المكتبة العربية بمؤلفات مختلفة في علوم شتى، ولكن قد يقول البعض إذا كانت الثقافة ستخلف مصيرا كالذي لاقاه الجاحظ فتعسا لها من ثقافة!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً