العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ

حملة تخويف

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

أعاد الرئيس جورج بوش طرح مجموعة نقاط لها صلة بتنظيم «القاعدة» محذرا من احتمال قيام مجموعات «إرهابية» باختطاف طائرات مدنية واستخدامها لضرب أهداف في الولايات المتحدة وبريطانيا والدول التي أيدت الحرب على العراق.

والسؤال: لماذا تجددت حملة التخويف في واشنطن ولندن معا، ولماذا صدرت انذارات بالجملة تثير المخاوف من احتمال حصول هجمات جديدة لا تقل ضراوة عن تلك التي وقعت في 11 سبتمبر/أيلول 2001؟

الأجوبة محيرة، فهي إما ان تكون مجرد تذكير لما حصل وإعادة تنبيه الناس (الرأي العام) الى ان المعركة ضد «الإرهاب» لم تنته بسقوط نظام صدام حسين، وإما ان تكون وصلت الى الإدارة الأميركية مجموعة معلومات مشوشة كتلك التي تلقتها قبل 11 سبتمبر ولا تريد اهمالها حتى لا يتكرر الخطأ السابق وتقع الكارثة مرة ثانية.

المعلومات ليست دقيقة وغير مؤكدة. هكذا يفهم من تصريحات بوش ورئيس الحكومة البريطاني طوني بلير إلا انه لا يمكن الاستهزاء بها بعد ان سربت مجموعة مصادر مخابراتية خططا عن استعداد تنظيم «القاعدة» لتوجيه ضربة جديدة بعد ان استعاد فعاليته وأعاد تنظيم صفوفه بعد سلسلة النكسات التي تعرض لها إثر الحرب على افغانستان واحتلالها من قبل القوات الأميركية.

المعلومات المشوشة مثيرة للرعب إذا كانت صحيحة وهي ما أشار اليها أحد المسئولين في المخابرات الأميركية حين ذكر سلسلة أخبار وصلت الى حد قوله: إن الوضع الآن ليس أفضل مما كان عليه قبل ضربة 11 سبتمبر.

هذا الكلام فعلا يخيف أسواق المال والأسهم حتى لو قيل لمجرد التنبيه والتذكير باحتمال حصول حوادث مدمرة كتلك التي عاشتها نيويورك ومبنى «البنتاغون» في ضواحي واشنطن. فالكلام يكشف عن تناقض مدهش بين ما كرره مرارا الكثير من المسئولين في إدارة البيت الأبيض من ان الحملة العالمية على الإرهاب أعطت ثمارها وان العالم اليوم يعيش بأمان وهو في حال أفضل مما كان عليها قبل العام 2001 وبين كلام يناقض الأول ويقول إن الوضع ليس جيدا وان الحال السابقة لاتزال على حالها ولم تتغير. فالتناقض بين الكلام الأول عن تراجع الإرهاب والثاني عن عودته يطرح مئات الأسئلة عن تلك المليارات من الدولارات (40 مليارا ضد افغانستان و80 مليارا ضد العراق) لتمويل آلات الحرب إضافة الى موازنات سرية (تقدر أيضا بالمليارات) لدعم حروب التجسس في أكثر من بلد عربي وإسلامي... لتنتهي كل تلك السلسلة من نظريات «الضربات الاستباقية» الى فشل ذريع.

ربما يكون الكلام ليس دقيقا وقيل لمجرد التخويف أو التنبيه أو التذكير إلا انه سقط على رؤوس الدول التي قيل إنها قد تواجه هجمات لمجرد وقوفها مع الحرب على العراق... سقوط الصاعقة. فاستراليا مثلا دب فيها الهلع واضطرت حكومتها الى تكذيب الأخبار أو التشكيك بالمعلومات حتى ترفع عن الشارع والأسواق حالات الفزع التي ضربت الناس بعد الاستماع الى الأخبار المشوشة.

إذا كان الكلام غير مؤكد فما المقصود إذا بهذه الحملة التخويفية؟ ربما كان قصد الرئيس الأميركي جذب الانتباه مجددا الى الحملة على «الإرهاب» من خلال شد أعصاب الناس الى أهمية إدارته في الملاحقة والمراقبة في حين بدأ يخف اهتمام الرأي العام الأميركي بحروب بوش الخارجية.

كل هذه الأخبار المزعجة جاءت في وقت يستعد فيه بوش لتجديد رئاسته. وهذا يعني ان هناك صعوبات إضافية بدأت تثقل مهمته وهي متعلقة باهتزاز ثقة الناخب ودافع الضرائب بسياسات إدارته وكذلك تراجع اهتمام الرأي العام بالحروب الخارجية التي لم تنجح في القضاء على «الإرهاب» ومخاطره على الأمن الأميركي.

ربما تكون التصريحات المحذرة والمنبهة من حصول 11 سبتمبر جديدة هي رد فعل سريع على فشل سياسات داخلية وخارجية وأطلقت على عجل لشد الانتباه الى قضايا تمس الأمن الفردي للمواطن العادي... إلا ان تضخيم المخاوف كانت انعكاساته سلبية على الأسواق والدول المؤيدة للولايات المتحدة في حملتها على الإرهاب. كذلك فتح باب الرهان على استعداد جديد تقوم به واشنطن لتوجيه «ضربة استباقية» على دولة تصنفها ضمن «محور الشر».

فالتخويف من هجوم مباغت لشبكة «القاعدة» قد لا يكون صحيحا والمعلومات عنه غير دقيقة... إلا ان الاحتمال الآخر وهو وجود نوايا عدوانية جديدة تريد أميركا تغليفها بمبررات دفاعية مسألة واردة ومرجحة... وهذا يمكن توقعه مع قليل من الانتظار. فالتخويف ربما يكون القصد منه التمهيد أو تحضير الرأي العام الأميركي لتقبل ضربة جديدة ضد دولة ترى واشنطن انها ترعى «الإرهاب»

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً