العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ

صناعة الزمن

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

الخبرات لا تتراكم هكذا بقدرة قادر، بل تتراكم مع تجارب النجاح وكذلك تجارب الفشل، ففشل هنا يحرض على نجاح هناك، وانتكاسة هنا تقيم بروزا وصعودا وتميزا هناك، ثم انه ليس انجازا أن تنجح بل الإنجاز أن تحافظ على ذلك النجاح وتراكمه، وليست نهاية العالم أن تفشل، بل قد يكون مفتاحا لبدايات محفزة على مواراة ذلك الفشل وتجاوزه دون أن يعني ذلك مواراته الى الأبد، فقد يطل برأسه.

بعض - وأقول بعض الطلبة للتمييز - الطلبة الجامعيين يقفون في حال من الإرتباك أو الغفلة أمام التجربتين، تجربة النجاح والفشل، الإرتباك إزاء استثمار ما تحقق وتوظيفه في مسارات الحياة القادمة والعمل على تطويره والأخذ به نحو مراتب ومراحل من التميز والإضافة، وأحيانا يحدث الإرتباك في حال الفشل بحيث تغدو المحاولات المستقبلية ضربا من الحرث في البحر أو «الأذان في مالطا»، بحيث تتاح لبعضهم فرص وايماءات تتيح لهم التعويض وتجاوز الفشل ومن ثم انجاز مايمكنهم من نسيان التجربة أو التجارب المريرة التي خلفت وراءها أو بسببها صدمات وربما انكسارات داخلهم، الا انهم يضربون صفحا عنها، أو لا يجدون فيها مايمكن أن ينتشلهم من الوضع والحال الذي هم فيه.

ثمة نماذج من طلبتنا الجامعيين، تبعث على كثير من الأمل والتفاؤل بتجاوزهم للكثير من المعوقات والمصاعب التي تعترض حياتهم ومسيرتهم، ومرد ذلك في المقام الأول حسب اعتقادي، الى تعاملهم الواعي والعميق والمتحضر مع الوقت كقيمة تقوم عليه مجمل الإنجازات الإنسانية، بحيث يصبح استثماره الاستثمار الأمثل علامة فارقة تنعكس على طبيعة المنجز الإنساني لأية أمة من الأمم وأية حضارة من الحضارات.

ثم ان النجاح والفشل كتجربتين واردتين في حياة كل انسان بغض النظر عن الموقع الذي يحتله ويتحرك من خلاله، انما يتم قياسهما في جانب من جوانبهما في مدى حضور ومركزية واستثمار الوقت الاستثمار الصحيح والأمثل، بحيث نجد أن مستويات النجاح ودرجاته تتباين بين انسان وآخر ، والمحصلات النهائية لأي اشتغال على مشروع أو بحث انما تحددها قيمة الوقت واستثماره في العملية تلك، وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى تجربة الفشل، يظل الوقت ذا تأثير بشكل أو آخر ... ولعل أبرز صور التأثير تلك انفلاته في عملية البحث والتصدي لأي مشروع، يظل منفلتا بمعنى لا جدواه وعدم تأثيره ومسايرته واستثماره الاستثمار الحقيقي.

ويظل الفارق المذهل والكبير بيننا كأمم مستهلكة حتى العظم والأمم التي تقوم بنيتها ويتحقق تأثيرها وتبرز هيمنتها عبر العملية الإنتاجية، انما يتضح فيما يعرف بـ «صناعة الوقت»، صناعته بمعنى رصده واستغلاله واحتوائه كعامل مهم في العملية الإنتاجية، وهي صناعة عبر ما يتمخض عن تلك العملية الإنتاجية من سلع تعمل عملها في ترشيد استهلاك الوقت وتنجز عمليات كانت تستغرق أياما وشهورا فأصبحت تنجز في دقائق أو ساعات، بحيث بات معروفا لدى الاقتصاديين بأن تصدير السلعة ( في جانبها التقني والأدواتي ) هو تصدير للزمن

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً