قرار استبعاد الشركات التي تساهم فيها الحكومات بنسبة تزيد عن خمسة في المئة من المنافسة في تراخيص الهاتف النقال العراقية يثير كثيرا من الأسئلة. أولها: هل القرار سياسيا؟ أم أن الاقتصاد الحر يشترط استبعاد الحكومات من هكذا منافسات؟
كما أنه مؤشر قوي يجعل الحكومات الشرق أوسطية - ويهمنا منها الشركات الخليجية والوطنية - تعيد النظر جيدا في أمر تملكها لحصص تصل إلى الملكية المطلقة في أكبر الشركات في دولها.
فإذا نظرنا للسؤال الأول، نرى أن الدول الكبرى تطبق مبادئ الأنانية بحذافيرها في كل شيء. ولما كانت أميركا هي المسيطرة على مقدرات العراق الآن، فهي تتلاعب بكل القوانين من أجل أن تصل إلى مبتغاها في منح شركاتها أفضل أرضية تتنافس عليها - وتدوس فوق كل الشركات الأخرى من دون أدنى اعتبار.
ترى دولنا ذلك، ولكن طيبة قلبها تجعلها تستمر في تصديق كل ما يقال عن «العلاقات الثنائية الوثيقة» التي تدعيها أميركا مع دولنا. ولو كان الأمر كذلك لما ضربت هذه الدولة المتجبرة بالحائط كل المواثيق الدولية وعلاقات «الصداقة» التي تربطها بدولنا فتحارب العراق، وتهدد سورية، وتفتعل المواجهة مع إيران، ويضج مجلس شيوخها بشكل دائم بالتنديد بالسعودية ودورها المزعوم في دعم الإرهاب!.
علينا أن ننظر بعين البصيرة. وعلينا أن نعرف أن لا صديق لأميركا غير الذي يربطه معها مصالح مشتركة فقط، وما استخدامها لأدوات الترهيب التي تملكها مع جيراننا، وربما غدا معنا، إلا أكبر دليل على هذه «العلاقات الوطيدة»
العدد 331 - السبت 02 أغسطس 2003م الموافق 04 جمادى الآخرة 1424هـ