لكل منا في طفولته قصة وحكاية مع رفاق الصبا وحميمية العلاقة التي تؤدي في الغالب إلى الخلافات البريئة بين الأقران و(الخصام) الجميل والتصالح وما تلبث أن تعود الأمور إلى أصلها حتى يتكرر مرة أخرى الخصام وهكذا تمر الأيام بين الأطفال حتى يكبروا على حلو الذكريات التي تصبح وقودا لعلاقة ناضجة ملؤها الاحترام والتقدير.

ولكن ما الذي يجعل العلاقة بين (الهند) و(الباكستان) لا تراوح أفعال الأطفال بين الخصام والتصالح المؤقت سنين عددا وتجاوز أفعال الطفولة إلى الحرب والتقتيل ولا يكبر هؤلاء (الأطفال) ويتعلمون من تجربة أقرانهم؟! ظل العالم قاطبة يتابع بين الفينة والاخرى الحرب التي تدور بين الطرفين التي تسكب فيها الدماء، ثم يفاجأ بعد أيام قليلة بأن الأمور رجعت إلى نصابها الصحيح حين يتعانق الطرفان وتنهمر دموع الندم وماهي إلا برهة من الزمن وتشد الحرب أوزارها، وتصبح مادة يومية لمؤتمرات وزارة الدفاع الأميركية والبحث عما اذا كان في نية احدهم استخدام السلاح النووي في الحرب.

ويتضح من القضية الهندية الباكستانية أن الجانبين غير قادرين حتى على الاتفاق على الوصف الذي يطلق عليها، وهل هي مشكلة أو نزاع أو قضية؟ كما يؤكد أن البلدين، باكستان والهند، لم يمتلكا بعد الشجاعة اللازمة لطرح تسويات غير تقليدية للمشكلة، ولعل السبب في افتقاد هذه الشجاعة يرجع إلى أن المشكلة ليست مجرد مشكلة سياسية معقدة، وإنما هي مشكلة سياسية دينية تتعدد الأطراف الفاعلة فيها والمؤثرة على اتخاذ القرار بشأنها وتتفاوت قدراتها وأوزانها الاستراتيجية، لكن ثمة من يريد كبح قوة أحد الطرفين من أجل مصالحه في المنطقة الآسيوية