كما حرم أهل البحرين من قضاء صيفهم على شواطئ البحر وبين أحضان الجزر... بسبب تغلب الملكية الخاصة على الملكية العامة... كذلك حرم هؤلاء من العيون الطبيعية الكثيرة التي اشتهرت بها البحرين، وقبل ان تندثر وتدفن تحت اساسات الغابات الاسمنتية التي لم ترحم تلك العيون وبرك السباحة والمزارع المحيطة بها والتي تسقيها.
لقد اصاب دفان البحر العيون الطبيعية الحلوة بمرض اسمه الملوحة، وكان كلما جرى دفان المزيد من المساحات البحرية كلما قضي على مصادر تلك العيون من المياه الحلوة المقبلة من ينابيع ومصادر تحت البحر، ومن ابرز ضحايا هذا المرض كانت عذاري وعين الرحة وابوزيدان وأم شعوم وعين قصاري، وغيرها من العيون التي كان أهل البحرين يتوجهون اليها خلال أيام الصيف.
لكن أصحاب النفوذ ومحبي المصلحة الخاصة استغلوا إصابة هذه الاملاك العامة بمرض ملوحة المياه المتدفقة اليها، وسارعوا إلى الاستيلاء عليها بالكامل في ظل غياب أو عدم اهتمام الرقابة الرسمية على هذه الاملاك العامة، ووجود الجهات التي تحاسب الذين أهملوا والذين استولوا وباعوا أو أجروا هذه الاملاك بدلا من اصلاح أوضاعها.
لقد خسر أهل البحرين كل هذه العيون وليس عذاري فقط، وخسروا بالتالي برك السباحة التي تصب فيها والمزارع الكثيفة والواسعة التي كانت ترويها، في حين انه كان بالامكان معالجتها من مرض الملوحة باستبدال مصدر المياه المتدفقة اليها من الينابيع الطبيعية الى فوهات الانابيب الاصطناعية كما فعلوا أخيرا بعين عذاري وبعد انتظار سنوات طويلة، وصرفوا مبالغ كبيرة ومُبالغ فيها، ثم توقف مشروع احياء عين عذاري من دون معرفة بالاسباب الحقيقية.
لو كان هناك اهتمام بصيف البحرين وبغالبية السكان الذين لا يملكون غير قضاء فترة الصيف في بلادهم، لامتد هذا الاهتمام من قبل المسئولين الى العيون الطبيعية، فقاموا في ذلك الوقت بضخ مياه حلوة إلى تلك العيون بدلا من المياه المالحة التي قتلت المزروعات، وجعلت المليون نخلة المنتشرة في عين عذاري وحول عين الرحى وعيون جزيرة النبيه صالح وغيرها من العيون.
لكن الاهمال والمصالح الخاصة وعدم وجود المحاسبة حطموا تلك العيون وقضوا على المزارع والنخيل، واقاموا مكانها البنايات والفلل، من دون اي اكتراث بمصلحة غالبية المواطنين المستفيدة من هذه العيون، ولا بأهمية وجود تلك المزارع ولا بهذا التراث الفني الذي يضرب بجذوره الى مملكة تايلوس
العدد 330 - الجمعة 01 أغسطس 2003م الموافق 03 جمادى الآخرة 1424هـ