العدد 330 - الجمعة 01 أغسطس 2003م الموافق 03 جمادى الآخرة 1424هـ

قنوات الاتصال ودور الجنرالات في الانقلاب على صدام

«الشاهد»: الخيانة وراء سقوط بغداد

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

كشفت إحدى الصحف العراقية تفاصيل جديدة تتعلق بأسرار وخفايا سقوط نظام صدام حسين وتسليم مفاتيح بغداد للمحتلين، أظهرت في مجملها أن سقوط العاصمة في التاسع من إبريل/نيسان الماضي كان نتيجة لحلقات متصلة من مسلسل خيانة تعرضت له.

وقالت صحيفة «الشاهد» العراقية نصف الأسبوعية في عددها الصادر امس (الخميس) إنه «تم شراء ذمم قادة الحرس الجمهوري والحرس الخاص والمسئولين عن حماية أمن الرئيس والقطاعات الأساسية لأمن الدولة والعاصمة بغداد»، وحددت من بينهم بالاسم اللواء ماهر سفيان التكريتي ابن عم صدام حسين والذراع اليمنى لنجله قصي، واللواء طاهر جليل حبوش رئيس جهاز المخابرات.

وتساءلت الصحيفة العراقية عن «الطريقة التي اعتمدها الأميركيون للتفاوض مع جنرالات قادة الحرس الجمهوري والخاص، ومن ثم شراؤهم بالمال لتسليمهم بغداد بلا مقاومة من أجل تقصير أمد الحرب وتجنب وقوع خسائر في صفوف القوات الأميركية لا قبل للرئيس الأميركي جورج بوش بتحمل تبعاتها السياسية».

وسعت الصحيفة إلى الإجابة عن هذا السؤال، فأشارت إلى أن الصفقة الأميركية لم تكن وليدة الحدث... بل إن بداياتها ترجع إلى زمن هروب صهر صدام حسين ووزير دفاعه حسين كامل وشقيقه صدام كامل قبل أكثر من ست سنوات، و«ارتمائهما في أحضان المخابرات الأميركية مع أسرارهما الهائلة عن العائلة وحاشية القصر والأسلحة والعلماء».

ومنذ تلك اللحظة بدأت الإدارة الأميركية بترتيبات الصفقة التي أثمرت في 9 ابريل عن سقوط سهل للنظام بعد خيانة كبار رجال النظام القريبين من صدام الذين آثروا تغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة النظام الذي اعتبروا سقوطه أمرا حتميا.

وأوضحت الصحيفة أن الأميركيين أدركوا من خلال قنواتهم أن نظام الحكم كان قائما على عدد محدود من الأشخاص يكفي الاتصال بهم وشراؤهم لكي ينهار، خصوصا أنه لا يتمتع بشعبية كبيرة بين أوساط المجتمع العراقي.

وأضافت - نقلا عن مسئول بعثي رفيع المستوى لم تكشف عن هويته - أنه «بعد سقوط بغداد كان سقوط نظام صدام أشبه بسقوط أحجار لعبة الدومينو المشهورة»، مضيفا أن «الرموز التي اعتمد عليها الرئيس العراقي السابق وأسند إليها مهمات حساسة واستراتيجية لم تكن موالية له، وانتظرت اللحظة المناسبة للانقلاب عليه».

وقالت الصحيفة العراقية: «إن رجال الحلقة الضيقة شعروا بالخطر الداهم على حياتهم وعائلاتهم ومصالحهم الشخصية، فقاموا بفتح قنوات سرية متعددة المستويات مع أجهزة عربية لعبت في أول الأمر دور الوساطة، ومن ثم ساعي البريد مع الأميركان»، مشيرة إلى أنه «كانت هناك عدة قنوات للاتصال مع أجهزة الاستخبارات السرية والدبلوماسية الأميركية»، من أبرزها - بحسب الصحيفة - كانت قناة نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز فهو أول من فتح خطا مع الأميركيين، واستسلامه لقوات الاحتلال بُعيد سقوط بغداد كان أمرا مرتبا، وتقيم عائلته الآن في الأردن بعد تدخل واشنطن. أما القناة الثانية فكانت خط المندوب العراقي الدائم السابق لدى الأمم المتحدة نزار حمدون، وله صلات معروفة مع واشنطن. وتوفي في يوليو/ تموز الماضي في بغداد، في حين تمثلت القناة الثالثة في رجال قصي العاملين في الأجهزة الأمنية والمخابراتية العسكرية الذين كانت مقاليد ومقدرات النظام وأسراره بأيديهم. ومن أبرز هؤلاء قائد القطاع الأوسط في الحرب اللواء ماهر سفيان التكريتي، والذي كان يشرف على كل المرافق العسكرية والقطاعات المسلحة.

وأوضحت الصحيفة أنه تم تجنيد التكريتي عن طريق ابن عمه عزالدين المجيد الذي خرج مع حسين كامل إلى الأردن، ولم يعد خلافا لحسين كامل الذي قتل لدى عودته، وتنقل عزالدين منذ ذلك الوقت بين لندن وأنقرة وشمال العراق.

وأشارت الصحيفة إلى أن عزالدين المجيد ذكر أنه كانت لديه اتصالات سرية بالتكريتي ومساعده الجنرال عبدالرشيد التكريتي، وكذلك بعدد من المقربين منهما.

وقالت: «إن سفيان التكريتي ومساعده عبدالرشيد قاما بعدة خروقات إبان الحرب على العراق، منها اطلاع الأميركيين على تحركات الجيش العراقي، وتحركات قائد قوات فدائيي صدام التابعة لعدي صدام حسين».

وأضافت أنهما «سلما الأميركيين أيضا معلومات عن مكان وجود صدام ليلة 19 و20 مارس/اذار 2003، وهو تاريخ بدء الحرب على العراق، وكذلك يوم السابع من ابريل/نيسان في حي المنصور الذي قيل إن صدام نجا خلال غارتين شنتهما قوات التحالف على المكان».

وأشارت الصحيفة العراقية إلى أن دور رئيس جهاز المخابرات طاهر حبوش انحصر في إعطائه الأوامر لعناصر الأمن والمخابرات في بغداد بالانسحاب من مدخلي بغداد الجنوبي والشمالي (الدورة والتاجي).

وأضافت أن برزان التكريتي - الأخ غير الشقيق لصدام حسين - كان من الشخصيات البارزة أيضا في قنوات الاتصال مع وكالة الاستخبارات والمخابرات الأميركية، مشيرة إلى أنه بدأ اتصالاته السرية مع الأميركيين في التسعينيات، يوم كان مندوبا دائما للعراق لدى الأمم المتحدة في جنيف.

وشغل برزان التكريتي منصب مدير المخابرات العراقية في فترة السبعينات من القرن الماضي، ويكن لعدي صدام حقدا دفينا بسبب انفصاله عن ابنته؛ وكان يعتقد أن عدي وراء كل المشكلات التي واجهها بعد الزواج الفاشل من ابنته.

وأشارت صحيفة «الشاهد» إلى أن الفريق نزار الخزرجي - الذي كان يعيش لاجئا تحت الإقامة الجبرية في الدنمارك، واختفى منها فجأة، وظهر في الكويت ثم في العراق - كان له دور أيضا في عملية شراء مسئولي أمن صدام.

وكان الخزرجي من الأسماء العسكرية التي كانت لها بصمة واضحة في الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988)، وكان أثناء الاجتياح العراقي للكويت رئيسا للأركان، ولم يكن على علم مسبق بغزوها، لأن صدام حسين كان لا يثق به كعادته مع الكثير من مسئولي الدولة؛ فعينه بعد أسبوع من الغزو مستشارا عسكريا في ديوان الرئاسة.

وازدادت شكوك صدام بالخزرجي بعد الانتفاضة في العام 1991 إذ جرح الخزرجي واعتقل بها، ولكن رجال الانتفاضة تركوه حرا، علاوة على الصداقة التي جمعت بين الخزرجي وفاضل البراك - مدير المخابرات العراقية في فترة الثمانينات من القرن الماضي- الذي أعدمه صدام، لكن الخزرجي فر من البلاد بعدها قبل أن يبطش به صدام حسين.

وكان مسئول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) علق في تصريحات صحافية بعد احتلال بغداد على تجنيد كبار الضباط في نظام صدام حسين، قائلا: «إن كلفة الصاروخ الواحد من طراز كروز تتراوح ما بين مليون ومليونين ونصف المليون دولار؛ لذلك فإن تقديم الرشوة يحقق الهدف عينه ويوفر الدماء. لذلك قمنا بمنح القيادات مبالغ ضخمة من الأموال على وفق رتبهم».

وأضاف أن «بعض قيادات الصف الأول ممن لم يرتكبوا جرائم حرب وعدوا بإعطائهم مسئوليات داخل العراق بعد انتهاء الحرب، ومنحهم وعائلاتهم الجنسية الأميركية».

وصدرت صحيفة «الشاهد» الخاصة كغيرها من عشرات الصحف الأخرى في أعقاب سقوط نظام صدام حسين، ويرى المراقبون أنها تنتهج خطا أقرب إلى الاستقلالية

العدد 330 - الجمعة 01 أغسطس 2003م الموافق 03 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً