العدد 330 - الجمعة 01 أغسطس 2003م الموافق 03 جمادى الآخرة 1424هـ

العائدون إلى البصرة يفتحون ملفات اللاجئين

لقد أصبحوا أحرارا بالعودة إلى أرض الوطن، على رغم ما يشهده الوطن اليوم من فوضى وعنف وتصاعد أعمال حرب العصابات، والأمم المتحدة قامت بأغلب العمل لأكثر من 200 لاجئ عراقي عادوا بالحافلات عبر الحدود السعودية إلى البصرة الأربعاء الماضي، وهم يتشبّثون باحبابهم الذين لم يروهم مذ هربوا من الانتقام الرهيب لصدام حسين.

ولكن هناك نحو 22 ألف عراقي مسجلين بصفتهم لاجئين في العربية السعودية. وهناك على الأقل 204 آلاف عراقي من الشيعة يعيشون في إيران غالبيتهم فروا أيضا هربا من انتقام صدام لمشاركتهم في الثورة التي حثّت عليها الولايات المتحدة. وعودة هؤلاء إلى الوطن تعني انهم سيحتاجون إلى رخصة من جانب قوى الاحتلال بقيادة أميركا.

انه وضع غريب عودة هؤلاء اللاجئين إلى الوطن. ليلى نصيف من البعثة العليا للأمم المتحدة للاجئين تحدّثت عن عودة اكثر من 200 الف عراقي من إيران قائلة: «اننا نناقش وسائل ذلك في هذه الفترة». وتخشى الولايات المتحدة طبعا ان العيش لأكثر من 10 سنوات في الجمهورية الإسلامية - واحيانا أكثر من 20 سنة - من شأنه أن يحوّل 80 في المئة من هؤلاء الـ 200 ألف عراقي إلى إسلاميين عسكريين يكونون على أهبة الاستعداد لتقويض خطط القوى المحتلة. وحقوقهم باعتبارهم لاجئين بالتالي تبدو أنها ستكون ثانوية للمخاوف الأميركية.

وهؤلاء هم اللاجئون أنفسهم الذين استمعوا لطلب الرئيس بوش الأب للثورة على النظام البعثي بعد تحرير الكويت في العام 1991. وقد عاش غالبيتهم في 22 معسكرا للاجئين على طول الحدود الإيرانية، وفي الكثير من الحالات عانوا على أيدي قوات الأمن الإيرانية. وفي الواقع، انه من الراجح أن يعودوا إلى العراق ولديهم سبب معقول لتجنب إقامة نسخة مصغرة للدولة الإيرانية نفسها التي استضافتهم. وهم يعودون إلى أجزاء من العراق في هذه اللحظة آمنة نسبيا.

ولا يمكن قول الامر نفسه عن المنفيين الـ 300 ألف في الأردن، أو حوالي 72 ألفا المقيمين بصورة غير مشروعة في سورية... وكذلك الأمر بالنسبة إلى العدد الكبير من اللاجئين العراقيين أو طالبي اللجوء في أوروبا. فهناك 70 ألفا و900 عراقي في ألمانيا و38 الفا و500 في هولندا، و27 ألفا في بريطانيا. فإذا عادوا إلى بغداد أو إلى المناطق السنية في الشمال، فسيدخلون بلدا فيه قطّاع طرق وأعمال حرب عصابات وغارات عسكرية أميركية. والأكثر إرباكا هو دور الأمم المتحدة الذي يجب ان تلعبه في إيجاد مساكن لأكثر من 800 ألف كردي طردوا من منازلهم في كركوك والموصل خلال برنامج «التعريب» العنصري على يد صدام. وقال مسئول اللجنة العليا للاجئين في بغداد رود لوبرز الأسبوع الماضي ان الأمم المتحدة كانت تحاول تجنب الصراعات بشأن الممتلكات، وكان هناك عدد من المشكلات عندما أخلى العرب أملاكا كانت تعود إلى الأكراد. وبشأن المنازل التي قطنتها العوائل العربية التي قام النظام البعثي بتوزيعهم عليها، يقول لوبرز: «تحدثنا إلى السكان المحليين وحاولنا معرفة ما إذا كان هؤلاء يملكونها فعلا». بكلمات أخرى، ما إذا كان العرب من المناطق الشمالية، كركوك والموصل أم انهم أتوا إلى الشمال من اجل الاستفادة من التطهير العرقي للأكراد على يد صدام.

وتعتقد الأمم المتحدة أن هناك ما بين 20 و200 ألف كردي يمكن أن يحاولوا العودة إلى منازلهم بعد موسم الحصاد هذا العام، وهي الأزمة التي يتوجب على كلٍ من سلطات الاحتلال والأمم المتحدة مواجهتها. وكما عبر عنها لوبرز: «أنا غير قادر على إصلاح الأضرار التي سببها صدام حسين في شهر واحد». ومن بين العراقيين الذين أخرجوا من ديارهم أيضا إلى مناطق أخرى في البلد هناك ما لا يقل عن 300 ألف من سكان الأهوار الذين اجبروا على ترك قراهم الجميلة المصنوعة من القصب بسبب مشروع صدام الجنوني لتجفيف الأهوار في جنوب العراق.

ووسط هذا البؤس هناك لاجئون منسيون من بلدان اخرى أو هم عالقون داخل العراق. فهناك 18,700 إيراني مثلا اكثرهم اكراد، في معسكر لاجئين في الشمال أصبحوا منذ «تحرير العراق»، عرضة للسرقات وإطلاق النار وقطع إمدادات المياه من المواطنين العراقيين. وهناك 13,500 تركي آخر، من بينهم 9 آلاف، يعيشون في شمال غرب العراق. ولا يقل عن ذلك مأسوية اللاجئون الفلسطينيون الـ 80 الفا الذين نزحوا إلى العراق في الأعوام 1948 و1967 و1973 و1991، وتعيش غالبيتهم في بغداد، وقد أجبر بضعة آلاف منهم على ترك منازلهم التي منحهم إياها نظام صدام أيام كان لمنظمة التحرير الفلسطينية مكاتب في العراق. وأقدم هؤلاء تركوا فلسطين في العام 1948 مع وحدات من الجيش العراقي التي كانت تقاتل - عبثا طبعا - فيما كان يسمى «جيش التحرير العربي». وعندما انسحب العراقيون اصطحبوا معهم الفلسطينيين إلى بغداد. ويبدو أن اللاجئين استمروا إلى الأبد.

ينشر المقال بالاتفاق مع صحيفة «الاندبندنت» البريطانية

العدد 330 - الجمعة 01 أغسطس 2003م الموافق 03 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً