هكذا يمضي صيف البحرين، من دون اهتمام بأوضاعه، ومن دون اكتراث بالغالبية من الشعب التي لا تملك ما يمكنها من السفر إلى بلدان اخرى أكثر برودة وأكثر راحة، ولا تدري اين وكيف تقضي ايام الصيف في وطنها البحرين، المعروف ايضا بأنه مجموعة من الجزر، ومجموعة من البحار، ومجموعة من السواحل، ومجموعة من العيون الطبيعية، ومجموعة من الحدائق والمنتزهات التي انتهت أو صودرت من قبل اصحاب النفوذ، ومحبي الفساد، وهواة تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة...

هل من المعقول ان تختنق البحرين بعد ان احاطت الأسوار بكل سواحلها، وأصبح المواطن العادي ابن مملكة جزر البحرين مرميا خارج اسوار الشواطئ المحجوبة عن مرمى بصره، عن تمتعه بمناظرها الجميلة، عن لعبه وسط رمالها، عن غوصه في مياه بحارها؟

هل من المعقول ان تصبح مملكة البحار والجزر بلا بحر وبلا شاطئ واحد يستوعب جمهور البسطاء من الشعب، ويستقبلهم بلا قيود ولا رسوم، ويتيح لهم الفرصة لقضاء اوقات ترفيهية في الصيف وفي اي وقت يريدون... في حين تمتد الأملاك الخاصة إلى كل الشواطئ وأجملها وتلتهمها، ضاربة بعرض الحائط (الفاصل) كل القوانين الدولية التي تتعلق بسلامة ونظافة البيئة، والتي تختص بالحقوق العامة، وتلك التي تمنع امتداد الاملاك الخاصة إلى ما بعد شواطئ البحار والانهار، وجعل تلك الشواطئ وواجهات البحار جزءا من الاملاك الخاصة؟

ولأن الدولة بمسئوليها ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية مسئولة عما آلت إليه اوضاع شواطئ وبحار البحرين، ومسئولة عن حرمان سكان المملكة، من مواطنين ومقيمين، من الوصول إلى هذه الشواطئ والاستفادة منها، وجعلهم يشعرون مثل غيرهم من سكان بلدان البحار والجزر بأنهم بشر يعيشون في وطن يمنحهم الحقوق ويحترم رغباتهم وتطلعاتهم، وبأنهم مواطنون يملكون الشواطئ والجزر في وطنهم ويستمتعون بها، تماما مثلما يملك غيرهم في البلدان البحرية الاخرى الشواطئ ويستمتعون بها... وانهم - اي المسئولين - بحاجة إلى ترجمة احساسهم بالمسئولية عن الاوضاع الحالية غير الطبيعية، في مبادرة حقوقية جريئة تتمثل في فتح الشواطئ المغلقة، والمسورة والمحجوبة عن جمهور المواطنين والمقيمين، وجعلها اماكن عامة من حق الجميع ان يرتادها كما كانت في الماضي.

وان يعملوا على اصلاح السواحل الاخرى وتجهيزها، وانهاء الملكية الخاصة لها بغرض تمكين اعداد اخرى من الاستفادة منها، وبالتالي الاستفادة من صيف البحرين على شواطئ البحرين، وفي جزرها التي إما انها خاصة، أو انها مهملة وقاحلة، ناهيك عن المنتزهات والمقاهي الساحلية المحتكرة والمجيرة لأصحاب النفوذ، وكلها لا تصلح للاستمتاع بها في صيف البحرين