العدد 328 - الأربعاء 30 يوليو 2003م الموافق 01 جمادى الآخرة 1424هـ

تقريب المذاهب الإسلامية... البحرين منطلقا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحديث عن تقريب المذاهب الإسلامية قديم جديد. ففي الخمسينات كانت هناك محاولة نوعية على مستوى جامع الأزهر وحوزة النجف الأشرف وحوزة قم المقدسة للتقريب بين المذاهب الإسلامية من وجهة نظر فقهية. واستمرت تلك المبادرة فترة من الزمن، ولكنها انطوت مع نهاية السبعينات وبقي ذكر تلك المحاولة هو المتكرر فقط.

وفي الثمانينات كانت هناك محاولة لاعادة الروح إلى مشروع التقريب بين المذاهب الإسلامية بعد أن انطلقت المبادرة من ايران على أعلى المستويات، وذلك ارتبط بالتعقيدات السياسية المتوافرة ما أفشل إعادة الإحياء على رغم الجهود المختلفة من الجانب الايراني.

في عهد جمال عبدالناصر كانت النشاطات التقريبية تسير بسرعة لاعتبارات عدة. فعلى رغم الخلافات بين عبدالناصر والإخوان المسلمين فإن الانتاج الفقهي «التقريبي» كان ثريّا اذ شمل المذاهب السنية الأربعة بالاضافة الى المذهبين الشيعيين (الاثني عشرية والزيدية) والمذهب الاباضي.

والبحرين ستحتضن مؤتمرا للتقريب بين المذاهب الاسلامية في سبتمبر/أيلول المقبل، وكما قال وكيل وزارة الشئون الاسلامية الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة لـ «الوسط» فإن البحرين «كانت مهدا للحضارات، وهي مؤهلة لأن تلعب هذا الدور». ونحن نوافقه في هذا الطرح لأن البحرين كانت من قديم الزمان أحدى أهم مراكز علوم الفقه والعقيدة ومختلف العلوم الاسلامية، ولها علماؤها الكبار الذين أثروا العالم الاسلامي بانتاجاتهم العلمية المختلفة. كما أن البحرين تحتضن حاليا المذاهب الاسلامية الرئيسية على أرضها، وهناك حقوق ومؤسسات ثابتة حافظت على توازن الأمور في مجالات عدة وقربت المواطنين من بعضهم بعضا على رغم مرور البحرين بفترات سياسية قاسية مازالت آثارها باقية.

إلا أن الشعب البحريني بطيبته وأصالته كان ومازال مثالا يحتذى به من حيث احترام المذاهب لبعضها بعضا ومن حيث الفهم الاجتماعي لطبيعة الاختلاف بين المذاهب. فالاختلاف الذي كان موجودا في صدر الاسلام انما هو صورة راقية للتنوع والتعددية. والمذاهب كانت ومازالت «ورودا» في حديقة الاسلام الكبيرة التي قربت العربي والأعجمي والأسود والأبيض وكونت منهم أمة اسلامية عظيمة.

التقريب الذي بدأ قبل خمسين عاما ركز على الجانب الفقهي فقط متخطيا الحديث عن التقريب العقائدي. ذلك لان عقائد المسلمين تتوحد حول ثلاثة أصول أساسية وهي: التوحيد (لا إله إلا الله) والنبوة (محمد رسول الله) والايمان باليوم الآخر. وهناك قضايا أخرى تتفرع عن التوحيد والنبوة والتي تختلف فيها المذاهب. ولذلك فإن الالتزام بما يوحد عقائديا يكفي لإكمال المسيرة التي تعطلت كثيرا.

الفقه الإسلامي ينقسم الى العبادات والمعاملات، والعبادات تشمل الطهارة الصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج... الخ، بمعنى آخر كل ما يتعلق بالواجبات بين الفرد وربه. أما القسم الثاني فهو المعاملات وهو يشمل كل أنواع التعامل بين الانسان وأخيه الانسان بما في ذلك الأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والوصايا والإرث والوقف... الخ).

فقهاء المسلمين تدرجوا في طرح أحكام المعاملات بحسب الحاجة ونجحوا في عدة مجالات في تقديم صورة ناصعة عن الاسلام (كما هي الحال في أسلمة المعاملات المصرفية) وأخفقوا في مجالات أخرى نظرا لسعة امكاناتهم الذاتية وظروفهم المحيطة بهم.

ولدينا الكثير من الوقائع الجديدة والمعاصرة وهي جميعها بحاجة إلى فهم شرعي لها. وفيما لو نجحت البحرين في اعادة بث الروح في الحركة التي بدأت في الخمسينات وتوقفت (بصورة عملية) في الستينات فإنها ستدخل التاريخ بصورة جميلة، لأن التقريب كان ولايزال هدفا ساميا للمسلمين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 328 - الأربعاء 30 يوليو 2003م الموافق 01 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً