بكثير من التذمر تلقى المجتمع البحريني قرار ديوان الخدمة المدنية القاضي بخصم العلاوات المرتبطة بالعمل أثناء الإجازات وفترات الغياب المصرح بها كالإجازة السنوية الطويلة والقصيرة والمرضية والوفاة، إذ يقضي القرار بـ «خصم جميع العلاوات المرتبطة بالعمل لجميع الإجازات بما فيها الإجازات السنوية القصيرة وأيام العطل الأسبوعية والرسمية التي تكون ضمن هذه الإجازات» والتي ستنفذ من أول أغسطس/ آب المقبل. فهذا القرار هو بمثابة القشة التي قصمت ظهر المواطن. إنها في الحقيقة تشكل أزمة بل كارثة مادية ستقع على رؤوس المواطنين «الغلابة»، فحتى هذه العلاوات في طريقها إلى التقليص وكل يوم يخرج علينا ديوان الخدمة بأسلوب آخر... الكل يعلم أن مستوى دخل الفرد محدود ولا يكاد يستوعب مستلزمات الحياة للمواطن البحريني، فإذا قلصت العلاوات فعلى أي شيء سيبقى المواطن؟ إذ إن 80 في المئة من البحرينيين يعانون من القروض، إضافة إلى تلك الضرائب التي تؤخذ من هنا وهناك، وإضافة إلى كل ذلك غلاء الأسعار.
ليس منطقيا هذا أبدا، هذا إجحاف بحق المواطن... الناس في انتظار قرارات جريئة لرفع رواتبها لا إلى المزيد من التقلص والانكماش حتى يصبح الراتب بحجم حبة الرز، علما بأن هذه الإجراءات لم تتخذ في أية دولة خليجية على رغم ارتفاع رواتبهم وعدم مقارنتها مع رواتب البحرينيين.
إن كان ذلك كله بحجة ترشيد الإنفاق، فلماذا لا تطال هذه السياسات إلا هؤلاء المواطنين؟... لماذا لا يتم الترشيد بتقليل النفقات الاستهلاكية للوزارات؟ بالأمس يقدم لكل نائب 10 آلاف دينار وتبنى وحدات سكنية لمجنسين للتو جاءوا، والآن تفرض مزيدا من الضرائب على المواطنين أو تتخذ إجراءات لتقليص علاواتهم بحجج إعلامية قديمة استهلاكية. إن المواطن البحريني أصبح مصدوما من هذا القرار. لقد أخطأ ديوان الخدمة المدنية بهذا الإجراء وبدأ التململ في الأوساط الاجتماعية والسياسية من كارثية هذا الإجراء، فما عاد المجتمع البحريني يتحمل مزيدا من الضغوط الاقتصادية! يكفيه ما يراه يوميا من ازدياد نسب الضرائب الخدماتية من المرور والبلدية والصحة، إذ أصبحت كل ورقة يأخذها يدفع وراءها 20 دينارا أو مقدارا من الرسوم تشكل أحيانا نصف راتبه وخصوصا إذا كان راتبه لا يتجاوز الـ 150 دينارا.
ديوان الخدمة المدنية معني بإعادة النظر في هذا القرار الكارثي الذي سيسبب انهيار البقية الباقية من رواتب المواطنين. كان المجتمع ينتظر من الديوان صرف المبالغ المستحقة لحراس الأمن بوزارة التربية للأوقات الإضافية التي مارسوا فيها العمل، فهم يعملون حتى يومي الخميس والجمعة ولكن إلى الآن لم تصرف لهم مستحقاتهم منذ أحد عشر شهرا ومازال الديوان يماطل في ذلك.
كما أن هناك تساؤلا بدأ يرتفع في أكثر من محفل عن مدى صحة إقدام وزارة الأشغال والإسكان على جلب ما يقدر بـ 20 مهندسا من الأردن على رغم وجود بطالة حتى عند المهندسين البحرينيين، فمن حق المواطن أن يعرف هل هذا الخبر صحيح أم لا؟ ونتمنى أن ترد الوزارة على ذلك، فكما هي معنية بهذا الأمر كذلك ديوان الخدمة المدنية هل سيقبل ذلك؟ علما بأن الخبر بدأ ينتشر كالنار في الهشيم، ويقال إن هناك وفدا من الوزارة ذاتها ذهب إلى الأردن. المواطنون يطلبون بإجابة واضحة وكشفا للثام عن ذلك إن كان صحيحا أم لا.
ختاما، لا شك في أن خصم جميع العلاوات في الإجازات المتنوعة خطوة ستربك جميع العوائل البحرينية ولا يمكن قبولها ليقين الجميع بأن هناك أعدادا هائلة من المواطنين إن خصمت علاواتهم بهذه الحجج فسيبقون كمن ليس عنده راتب، فالبعض ـ وبسبب القروض والبناء ـ راحوا يعتمدون على أعمال إضافية وعلى عمل حر هنا وهناك وعلى مثل هذه العلاوات، وو... المجتمع ينتظر قرارات إدارية جريئة تعمل على تقديم المواطن والرفع من مستوى معيشته لا إلى مزيد من التقليص والتقطيع، فعلى البرلمان والجمعيات والنقابات التحرك في سبيل ذلك
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ