العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ

ثنائية بوش - شارون

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

يعود رئيس الحكومة الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) إلى بلاده ليبدأ رئيس الحكومة الإسرائيلي ارييل شارون زيارته لواشنطن. زيارة عباس وصفت بالناجحة قياسا بالطموحات الفلسطينية وقيل إنها تضمنت مجموعة شكاوى لها صلة بالعراقيل التي يضعها شارون أمام تطبيق «خريطة الطريق» وأبرزها: توسيع المستوطنات لاستيعاب المزيد من المستوطنين، الاستمرار في بناء الجدار الأمني داخل أراضي الضفة الغربية، ورفض تل أبيب الافراج عن كل المعتقلين.

شارون يذهب إلى واشنطن ليجد صديقه الوحيد الرئيس الأميركي جورج بوش في وضع يمكن وصفه بأنه ليس جيدا. للمرة الأولى تعيش إدارة البيت الأبيض حالات قلق من المستقبل المنظور. فواشنطن ربحت العراق ولم تنتصر عليه. وهي كسبت جولتها العسكرية وبقي عليها أن تربح جولاتها السياسية. و«خريطة الطريق» التي ظهرت بداية وكأنها الجواب الشافي لكل أمراض منطقة «الشرق الأوسط» أخذت تعاني من مشكلات لها صلة بعناد حليف واشنطن الدائم والثابت في المنطقة. فصديق بوش الوحيد «ثقيل الدم» لا يريد تقديم أي تنازل يسعف السياسة الأميركية وينقذها من ورطة الحلول العسكرية لقضايا تاريخية شديدة التعقيد والتداخل.

فالخريطة كما يبدو باتت بحاجة إلى خرائط جديدة تشرح تضاريسها السياسية وتموجات خطوطها وألوانها.

إلى ذلك بدأت تظهر علامات التعب على استراتيجية «الحروب الدائمة» التي خطط لها «أشرار» البنتاغون واعتقدوا انها حجر الزاوية في بناء نظام دولي جديد تقوده الولايات المتحدة انطلاقا من «الشرق الأوسط». وكذلك أخذت نظرية «الضربات الاستباقية» تتعرض للنقد والمساءلة بعد تكرار الفضائح والأكاذيب المتعلقة باختراع تقارير غير دقيقة واتهامات باطلة لتبرير الهجوم على دول مستقلة وعلى رغم أنف العالم وبالضد من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

وفي وقت يتبين فيه أن نتائج «الضربات الاستباقية» لم تحقق أغراضها بعد في أفغانستان والعراق وبدأت الحوادث الأمنية تكشف حقيقة الوعود الأميركية التي ظهرت في أكثر من مكان بأنها مجرد «كلام في كلام» أخذت التحقيقات الصحافية والقضائية في بريطانيا والولايات المتحدة تفضح شبكة من المؤامرات وسلسلة من الأكاذيب والادعاءات التي قد تهدد مستقبل طوني بلير في لندن وتفشل بوش في الانتخابات المقبلة.

شارون الآن في واشنطن. في زياراته السابقة استغل قوة الرئيس الأميركي التي شهدت صعودا بعد انهيار مركز التجارة في نيويورك واستند إليها لتمرير مشاريعه الخاصة في فلسطين المحتلة. الآن يريد شارون استغلال بدايات ضعف بوش بغية استخدامها لتغطية عراقيله التي يضعها أمام السياسة الأميركية في المنطقة.

شارون بحاجة إلى بوش لاستخدامه في تنشيط سياسة «الضربات الاستباقية» ضد إيران وسورية لأنها تخدم «إسرائيل» وتجعلها القوة الوحيدة في المشرق العربي. وبوش بحاجة إلى شارون لتنشيط اللوبيات المؤيدة لـ «إسرائيل» في أميركا واستخدام أموالها وفعاليتها في السنة الأخيرة من عهده.

مصلحة بوش ألا يغضب شارون حتى لو خسر المزيد من ثقة العالم بسياساته. فالحسابات الانتخابية الآن هي الأقوى في استراتيجية «الحروب الدائمة» وهي النافذة التي يمكن أن يطل منها شارون لتمرير مشروعه الخاص القاضي بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية واستكمال بناء ما يسمى بالجدار الأمني في أراضي «دولة فلسطينية» قيل إن بوش وعد بها عباس في العام 2005.

وحتى يأتي ذاك الوعد لابد أن ينجح بوش في انتخابات العام ,,2004. وهذه مسألة يقررها شارون في مفاوضاته مع الرئيس الأميركي. فمن هو بحاجة إلى الآخر؟ الجواب ليس سرا

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً