أثار اعلان الجهاز المركزي للمعلومات عن نيته تغيير اسماء عدد من المناطق حفيظة بعض اهالي تلك المناطق لاسباب طبيعية. فالاسم يرتبط بأمور كثيرة ومتشعبة وله ابعاد سياسية وثقافية واقتصادية ولا يمكن اجراء اية تغييرات من دون الرجوع إلى الاساليب المعتمدة في الدول التي يحترم فيها رأي الناس.
فالانسان لا يرضى ان يقوم شخص ما بتغيير اسمه دون ان يكون ذلك نابعا من ارادة الشخص ذاته او ان يقبل به عندما يعرض عليه اقتراح التغيير. وهكذا الحال بالنسبة إلى اسماء المناطق والمدن والاحياء والقرى.
في البلدان المحكومة دكتاتوريا تتغير كل الامور بقرار صادر من الاعلى ولا يمكن مساءلة ذلك القرار. اما في البلدان التي تسعى لانتهاج الديمقراطية فان تغيير الاسماء يختص بها المجلس البلدي.
فالمجالس البلدية في البلدان المتقدمة هي التي تطرح تغيير الاسماء او تعديلها وهذه المجالس لا تقوم بذلك الا بعد ان تجري استطلاعات رأي او استشارة معينة للتأكد من ان ذلك مقبولا لدى الناس الذين انتخبوهم.
مجالسنا البلدية اعطيت صلاحيات اقل من الصلاحيات المفترض توافرها في المجالس كاملة الصلاحيات، ولذلك فان مجموع الصلاحيات اقل مما هو متوافر للمجلس البلدي الكويتي، واكثر (بقليل) مما هو لدى المجلس البلدي القطري، ولذلك فان تغيير الاسماء لم يعط للبلدية وانما سمح لها بابداء اقتراحات في هذا المجال. وهذا ما ينبغي ان يتغير بحيث تكون البلدية هي المرجع الاساسي في هذا المجال، لكي تتأكد البلدية من رضا الناس عن التغيير.
فبالأمس اتصل بنا اهالي «جبلة حبشي» مرات كثيرة - خلال اليوم - متساءلين عن مصدر الطلب لتغيير اسم منطقتهم، وأحدهم قال ان جيلا كاملا تربى على انه من «جبلة حبشي»، وهؤلاء لم يطلبوا تغيير الاسم.
الحال لا تختلف كثيرا عن مناطق تم دثر اسمها مع الايام حتى اختفى ذكرها من اشارات الطرق ولم تعد موجودة في أية خريطة رسمية تصدر عن الاجهزة المعنية.
اسماء الجزر والمناطق والمدن والقرى والاحياء والشوارع كلها تحمل تاريخا ما، وعملية تغييرها لابد ان تراعي ايضا مضمونها التاريخي. فاسم قرية «كرباباد» قد لا يعجب البعض ولذلك يتم اخفاء ذكره، ولكن مثل هذا الامر ينبغي ان يكون برضا الاهالي وان يكون الممثل البلدي هو المعبر الشرعي لتغيير الاسم او تحويله. وكذلك الحال بالنسبة إلى اسماء الاحياء في المنامة، فهناك اقاويل بان الاسماء القديمة قد لا نجد لها اي اثر في الخرائط الرسمية بعد ان تم التركيز على ارقام المجمعات لسنوات طويلة، وفجأة ستظهر لنا اسماء فوق ارقام المجمعات، ولكن هذه الاسماء قد تكون مختلفة عمّا يدور في ذهن الناس وربما يكون بعيدا عن رضاهم.
ان الطريق الأفضل والارقى ذوقا يمر عبر رضا الناس، ومن خلال مجالسهم البلدية، وهو ما نأمل من المسئولين الاخذ به لكي نسير قدما نحو مزيد من الديمقراطية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 326 - الإثنين 28 يوليو 2003م الموافق 29 جمادى الأولى 1424هـ