أشفقت على المقابلة التلفزيونية التي عرضت في قناة البحرين الفضائية والتي ناقشت قضية التجنيس، اذ كانت أقرب الى محاكمة النيات منها الى معالجة الموضوع بموضوعية... وأعتقد أنها جاءت في سياق احتواء ولو جزء مما طرح في ندوة العروبة، والتي بحق استطاعت أن تلقي الكرة في مرمى دعاة ان لا تجنيس سياسيا في البحرين. وكان الأجدى أن يكون على طاولة الندوة التلفزيونية شخص من المعارضة لأجل اكتمال الصورة.
للأسف لغة الاعلام دائما لغة محاكمة النيات، على أساس نظرية المؤامرة، والتفسير التآمري حاضر لكل أزمة وهو موضوع على الرف ومثلج في ثلاجات كل دولنا العربية. فهي بمجرد أن تشعر أن الرأي العام بدأ يتشكل بوعي خطورة أزمة من الأزمات حتى تبدأ الهرولة إلى الخلف بدلا من الأمام للتباكي على الوحدة الوطنية. إن التجنيس السياسي يخلق لنا أزمات فسيفسائية غير متجانسة مع الجسد البحريني. الثلاجة والاتهامات المثلجة حاضرة لأية طبخة اتهام، وخصوصا من يدهم دائما في البراد. طبعا عملية خلط الأوراق واضحة في علاج هذا الموضوع وموضوعات كثيرة... الجميع يقول: من جنس قانونيا من اخواننا العرب ان كان بالقانون، ولكن على رغم ذلك تذهب الصحافة أحيانا وبعض أبطال الأوراق إلى خلط الأوراق للتأليب... كلام واضح: الجميع يرفض من جنسوا سياسيا فهذه قضية واضحة. ما طرح في ندوة تلفزيون العائلة الواحدة اثار من تابعوا الندوة عدا بعض المداخلات وبعض ما طرح في هذه الندوة.
للتو قد رجعت من سفرة قضيتها في الخارج ومن المصادفات المبكية التقائي أحد اخواننا العرب وهو من سورية... إذ حين علم اني من البحرين بادرني بأسئلة كانت هي الاخرى مبكية ومحزنة في الوقت ذاته... قال لي: انت من البحرين؟ قلت له: نعم من البحرين. قال: سمعنا ان هناك «توطينا في البحرين»، وكان يقصد منح جنسيات قلت له: نعم تامر على شي؟ قال لي: «الله يخليك... ممكن تعطيني رقم تلفونك بدي آخذ الجنسية. كثير من اصدقائي ومن ضيعتنه حصلوا عليها». صارحته بالامر بأني معارض لسياسة التجنيس ولكني سألته اسئلة ويبدو أن ثقافته أسعفته في الاجابة عليها.
قلت له: هل تعلم ان في البحرين 25 ألف عاطل عن العمل؟
- يالطيف؟!
- هل تعلم أن مركز البحرين للدراسات والبحوث افصح عن وجود أكثر من 10 آلاف عائلة تتلقى مساعدات من بعض المؤسسات؟
- معقولة؟
هل تعلم ان هناك مدنا وقرى تعيش في بيوت متصدعة وآيلة إلى السقوط وبعضها تسقط في موسم الامطار، وذلك حدث في قرية الدراز؟ هل تعلم انه يوجد عندنا بطالة دكاترة ومهندسين وخريجي حاسوب وخدمة اجتماعية ولغة عربية والقائمة تطول؟!.
أجابني مندهشا: معقولة؟ هذا كلام غريب!! ما يصلنا من اخبار ان هناك ازمة وظائف شاغرة، وإلا مع وجود كل هذه الازمات الاجتماعية لا احد يفكر في مشكلات اخرى؟
ختاما نقول: واهمٌ من يعتقد ان هناك شعوبية او عداء لأي عربي كريم في البحرين... ابدا القضية وما فيها اننا نريد سيادة القانون والله عرف بالعقل فبدلا من كل هذا التباكي يجب علاج الموضوع بصدق لا على طريقة «يا تجنيس ما يهزك ريح» وبأسلوب «محاكمة النيات»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ