إذا اتفقنا على ان غياب السند القانوني والدستوري هو الاساس في قضية الاعتراض على تلقي مجلس النواب وكذلك مجلس الشورى أية اموال او عطايا او هدايا او مكرمات او مساعدات او مكافآت، فإن مصدر هذه الاموال لا يمكن ان يعتبر تبريرا لقبولها.
ذلك أن كل الاموال التي تصرفها الدولة على شكل عطايا او مكرمات او بغرض تحسين وضع ورفع مستوى، كلها لها مصدر واحد هو الموازنة العامة للدولة، وهي الموازنة التي مكث المجلسان في مناقشتها حوالي ثلاثة شهور وانتهيا بالموافقة على اكبر عجز في تاريخ البحرين، وعلى زيادة كبيرة وغير مبررة في المصروفات العامة والمصروفات المتكررة تحديدا...
ومع ان المجلسين قد اوصيا في نهاية تلك المناقشات بتخفيض العجز في الموازنة، فقد ادى قبولهم للعلاوات والعطايا الى زيادة العجز في العام الجاري بمبلغ مليون وستمئة الف دينار، ومليون ومئتي الف دينار في العام 2004، على اعتبار ان مبلغ العشرة آلاف دينار او مجموعها الـ 400 ألف دينار قد صرفت لمرة واحدة ولاعضاء مجلس النواب فقط.
وبناء عليه فإن كل التبريرات التي قدمها النواب لقبول او ارجاع مبلغ العشرة آلاف دينار لا معنى لها، ولا هي مقنعة، بما فيها القول ان متلقيها سيعيدونها الى مصدرها، او ان بعضهم سيتبرع بها للفقراء والمحتاجين في المنطقة الانتخابية للنائب، وغيرها من الاقوال والتصرفات التي لا تبرر القبول اصلا، ولا تمنح من قبلها الحق في التصرف بها بالتبرع او حتى بارجاعها لأنها ليست امواله، بل هي اموال شعب البحرين قد ائتمن السلطات والجهات المسئولة عليها بشرط ان تصرف في الوجوه التي تخدم هذا الشعب وتعمل على رفع مستواه الاجتماعي والمعيشي، وان تعم فائدتها كل افراد الشعب وليس فئة محدودة منهم.
أما القول بان مبلغ العشرة آلاف دفع للنواب من اجل دعم شئونهم واحتياجاتهم الادارية فهو مبرر غير مقبول في ضوء حصول النواب الافاضل على العلاوة الشهرية المقدرة بمبلغ 1250 دينارا ومنها 750 دينارا لتأسيس المكتب والصرف عليه اداريا، والتي لاشك ان الجهات الرسمية على علم بها، وهي تغطي الاحتياجات الادارية وتزيد، إلا انها مثل مكرمة العشرة آلاف جاءت خارج القانون ومخالفة للدستور
العدد 321 - الأربعاء 23 يوليو 2003م الموافق 24 جمادى الأولى 1424هـ