يختلف الازواج من بيت لآخر... منهم العاقل الهادئ الاليف المتفهم لمتطلبات الحياة الزوجية وتقلباتها والمؤمن بان الزواج سكينة واستقرار وتأسيس اسرة وتربية وعليه ان يكدح ويعمل ليوفر لهم احتياجاتهم وان الزوجة انسانة ضعيفة وادعة تهبه الحب والحنان وتسهر على تربية اولاده وتعليمهم وعليه رعايتها والمحافظة عليها والاخذ بيدها راضٍ بما كتب الله له من نصيب. اما النوع الآخر من الازواج هو ذلك النوع المتدمر دائما والمتمرد باستمرار يحسب الزواج مجرد سفرة قصيرة لنزهة يعود بعدها لحياة العزاب وما فيها من فوضى واعتمادية يهوي التسكع في الشوارع والجلوس في المقاهي العامة وهو يهاجم ويلعن الزواج والمتزوجين ويستشهد بفلان وعلان وكيف انتهى زواجهما بالطلاق... ويردد ما قاله جحا «لعن الله المتزوجين قبلي والمتزوجين بعدي؛ فالمتزوجون قبلي لم ينصحوني والمتزوجون بعدي لم يعتبروا بي».
انني وللاسف الشديد اعتبر هؤلاء الازواج هاربين من المسئوليات الزوجية متمردين على واجباتهم بصفتهم آباء وازواجا ومازالوا مراهقين يعتبرون البيت الزوجي سجنا ويهيمون في الشوارع باحثين عن المتع الرخيصة تاركين وراءهم زوجات حائرات مستنجدات بأهل الخير يساعدنهن على مواصلة الحياة وتربية الاولاد حتى ينفد صبرهن من دون طائل.
والزوج يخرج من مطلع الشمس تاركا «الجمل بما حمل» يتصرف كاي عازب خال من المسئولية. يفعل ما يحلو له من دون قيود اخلاقية أو رادع انساني ويعود آخر الليل قد نام اولاده جياعا وبقيت المسكينة تنتظر علّه يشعر بعذابها ويرق لها ولعياله... والويل لها اذا حاولت مناقشته في أمر اولاده ومشكلاتهم أو مصاريف البيت أو الديون المتراكمة وعجزها عن مقاومة الجوع والالم والضياع حتى ينهال عليها ضربا وايلاما ويصرخ في وجهها - متدمرا من حياته معهم - قائلا... لقد عدنا إلى السجن والتحقيق والاستجواب لقد كرهت حياتي معكم ماذا تريدين مني انك تحصين عليّ انفاسي وتراقبيني حتى في كأس الماء الذي اشربه...ووو... وعليها ان تصمت وتتركه ينام وهو مرتاح البال سعيد من دون حسيب أو رقيب.
وقد يلجأ بعض الازواج إلى الحيل الكاذبة ليفر من بيته بصورة مؤدبة تدفع الزوجة إلى التعاطف معه والتألم عليه ليفر لوقت طويل من البيت بعذر مقبول. فليلة يذهب ليؤدي واجب العزاء الذي سمع عنه للتو وصاحب العزاء صديق حميم لا يمكن ان يؤجل واجبه ليوم الغد... واخرى اصيب صديقه في حادث سيارة... وغيرها وغيرها من الحجج والاكاذيب والحيل الملتوية كل هذا ليفر من حصار الزوجية كما يدعي.
سيدي الرجل لقد اقدمت على الزواج برغبة ملحة وارادة واقدام... لقد تزوجت وانت في كامل قواك العقلية وكنت سعيدا متلهفا لا تطيق صبرا على اي تأجيل أو انتظار تكلم خطيبتك هاتفيا بعدد دقات قلبك وقلبها... واليوم ولم يمض على زواجك غير شهور حتى جعلك الاستقرار في البيت مقيدا والحياة الهادئة المسئولة روتينا يوميا مميتا وأصابك ملل يخنق الانفاس والزوجة تحولت إلى محقق وجاسوس والقاب اخرى...
عذرا ايها الرجل انت المسئول عن بيتك واهلك، وعليك تحمل المسئولية كاملة النفسية والروحية والعقلية اما المادية فقد تكون زوجتك عاملة وتحمل معك جزءا منها... فالرجل عليه ان يحتوي اسرته ويرعاها لا يتسلط عليها ويفر منها... انه القيادة الواعية الحكيمة التي تقود الاسرة إلى بر السكينة والامان... انت المسئول ايها الرجل فلماذا تهرب من بيتك وأهلك ومسئولياتك
العدد 321 - الأربعاء 23 يوليو 2003م الموافق 24 جمادى الأولى 1424هـ