توجد في زيمبابوي فئة من «الأنبياء» المجتهدين في تخفيف معاناة المواطنين، ومنهم «النبي ماكيوا» الذي يداوي مشاكل الناس باستعمال «الماء المقدس» الذي عادة ما يكون ماء بحر، ما أدى إلى ازدهار تجارة إحضارها من أقرب البحار وبيعها كسلعة ثمينة.
«أربح من بيع مياه البحر أكثر بكثير من تجارة البقول ومستلزمات البيوت»، حسبما أكد لوكالة انتر بريس سيرفس، تاجر «الماء المقدس» كارلوس ماروفو المقيم في العاصمة هراري. وشرح «أسافر شهريا إلى ساحل دربان في إفريقيا الجنوبية أو بييرا في موزمبيق لجمع ماء البحر. وعادة ما أعود بخمس حاويات سعة كل منها 20 لترا في كل سفرة. لكن الطلب يزداد أحيانا إلى درجة تحملني على مضاعفة الكمية، أو السفر مرتين أو ثلاث مرات في الشهر».
الواقع أن ماروفو وغيره من التجار المرتجلين الذين تتزايد أعدادهم في زيمبابوي جراء تحطم الاقتصاد الرسمي، يحققون جميعهم «أرباحا ذهبية» من بيع الماء إلى «المعالجين» التقليديين أو الدينيين. بعضهم يسافرون إلى بوتسوانا لإحضار نوع من الطين يحل كل مشاكل الحوامل.
هناك عدة أنواع مختلفة من المياه المطلوبة، ومنها المنحدرة من الصخور أو المحصورة في الكهوف. لكن ماء البحر ما زالت الأهم. يقول ماروفو «بعد أن أحضر ماء البحر، أقوم هنا بتعبئتها في قنينات سعة 500 أو 375 ميليغراما. سعر القنينة غير ثابت، فأساوم مع كل مشتري. والسعر أيا كان، يشمل تكلفة النقل وغيرها من نفقات السفر. وفي غالب الحالات، نتلقى طلبات محددة قبل السفر لإحضار الماء».
ويضيف ماروفو في حديثه للوكالة أنه يربح حتى 1000 دولار في «الشهر الجيد» من بيع «الماء المقدس» وهو ما يفوق بكثير معدل دخل غالبية العاملين في زيمبابوي.
بعد هذا، تحدثت انتر بريس سيرفس لواحد من مشتري ماء البحر المعتادين وهو «النبي» ريتشارد ماكيوا المقيم في حي دزيفاراسيكوا المكتظ بالأهالي في هراري. فقال «أغلب المياه هنا ملوثة، وفيها مواد صناعية غير صالحة لعملياتنا». وفسر «كل الفكرة هي الحصول علي ماء خال من القذارة التي يعتاد عليها السحرة، رجالا ونساء. بعض هذه المواد ألغاز وأسرار لن تفسرها أبدا إلا إذا كنت مستحوذا».
ثم شرح ماكيوا أنه في بعض الحالات يوفر ماء البحر لزبائنه، لكنهم أحيانا ما يضطرون إلى إحضارها بأنفسهم، وخاصة أولئك الذين يحتاجون إلى كميات كبيرة. كذلك فيجري التعامل مع الموردين الموثوق بهم، تفاديا لشراء أنواع أخرى غير سليمة من الماء. وبالطبع «فنحن نكتشف على الفور إذا كانت الماء حقيقيا أو زائفا دون أي فحوص».
تونيك نهامو ينتظر في «عيادة» ماكيوا وعمره 37 سنة. يقول إن ماء البحر هو أقوى سائل رآه في حياته.
العدد 2320 - الأحد 11 يناير 2009م الموافق 14 محرم 1430هـ